مايو 31 2011

الطريق الى فلسطين أصبح أكثر وضوحا وصعوبة

لقد أوضح ماراثون الخطابات التي شهدتها العاصمة الاميركية الاسبوع الماضي الرؤية لما يحتاجه الفلسطينييون للوصول إلى دولتهم المستقلة المبتغاة.  ومع ذلك، فإن الرؤية الواضحة هذه لا تعني بالضرورة أن الحصول على دولة سيكون أمراً سهلاً أو يمكن بلوغه بيسر في المستقبل القريب.


إن الذين يريدون الوصول إلى إقامة دولة يتعين عليهم أن يكونوا متحدين وأن يكون لديهم أهداف واضحة وواقعية في ما يتعلق بحدودها ومخطط مفصل لكيفية الوصول الى اقامة دولة وليس مجرد اﻹعلان عنها.

هناك بعض التلميحات الواضحة والمخبأة في الخطابين للرئيس الاميركي باراك اوباما حول كيفية تحقيق الفلسطينيين لأهدافهم الوطنية.

وفي حين أن كلاً من أوباما ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو انتقد المصالحة بين فتح وحماس مؤخراً، إﻻ أنه من السهل أن نرى الاختلافات بينهما؛ فأوباما لم يعارضها، لكنه دعا الفلسطينيين إلى تقديم إجابات لمطالب المجتمع الدولي، بينما دعا نتنياهو الفلسطينيين إلى تمزيق اتفاقيتهما في المصالحة.

إن تماسك أي شعب مع بعضه البعض هو عنصر أساسي لطلب الاستقلال. ولم يتمكن أي شعب من إقامة دولة عندما كان منقسماً على بعضه. وفي حين أن الحكومة الفلسطينية الجديدة سوف تمتثل بالتأكيد للمطالب الدولية، فإن رفض المصالحة سيكون بمثابة انتحار وطني.

لن تتمكن إدارة أوباما وﻻ المجتمع الدولي الذين قبلوا حكومة الحريري على الرغم من وجود وزراء حزب الله فيها من رفض حكومة محمود عباس المقبلة والمؤلفة من التكنوقراطيين الذين ليسوا أعضاء لا في حماس ولا في فتح.

لقد أجلت اللجنة الرباعية المؤلفة من الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي وروسيا والامم المتحدة، اجتماعين تم اﻹعلان عنهما في موعد سابق خوفا من أن اعتمادهم لحدود 1967 كأساس للمحادثات سيؤدي إلى رد فعل سلبي كبير من قبل اسرائيل.  إن حدود عام 1967 مع مقايضة الأراضي المتفق عليها هي الآن موقف الولايات المتحدة كأساس للمحادثات.  لقد  كان المجتمع الدولي في حالة انتظار ﻷشهر عدة لمعرفة موقف إدارة أوباما حول موضوع الحدود كأساس  لاجراء المحادثات.

عندما تحدث أوباما امام لجنة الشؤون العامة اﻷميركية اﻹسرائيلية، ايباك، دافع عن هذا الشرط .ولم يقتصر انتقاد أوباما لنتنياهو وشركائه في تشويه ما قاله، وإنما دافع عن فكرته بأنها أمر أساسي، مشيرا إلى أن تكلفة المماطلة ستزيد من عزلة إسرائيل دولياً.

بعد أن رفع أوباما موقفه هذا أمام اللوبي الموالي لإسرائيل، حصل ليس فقط على عشرات التصفيقات، بل أيضاً حصل خطابه على دعم من مصدر غير معتاد. إن رئيس الوزراء الاسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الذي قدم قبل يوم محاضرة علنية ​​ﻷوباما بشأن مسألة ما يدعى بحدود إسرائيل التي لا يمكن الدفاع عنها، أشاد علنا بخطاب ​​أوباما الذي ألقاه أمام ايباك على الرغم من أنه لا يختلف في شيء في موضوع الحدود عن خطابه الذي ألقاه سابقاً والذي اعترض عليه نتنياهو. لم تكن لدى نتنياهو أية اجتماعات أخرى مع رئيس الولايات المتحدة وليس هناك ما يدل على انه تلقى أية تأكيدات سرية منذ انفجاره العلني في البيت اﻷبيض.

كان أوباما واضحا أيضا بشأن حدود فلسطين اﻵخرى وبالذات مع مصر واﻷردن. وهذا يزيل مطالب إسرائيل في وادي الأردن، فضلا عن أية صفقة أخرى مع الأردن التي من شأنها أن تجعل فلسطين أقل من دولة مستقلة.

وبعد ترحيب الشركاء الدوليين في اللجنة الرباعية على الفور بأسس ترسيم الحدود، فالفلسطينيون يمكنهم الآن العمل على أساس هذا الموقف العام.

فمع وحدة الشعب والاعلان عن حدود واضحة لفلسطين فإن ما تبقى هو كيفية الوصول إلى هدف بسط إقامة الدولة الفلسطينية على الارض.

إن أوباما على حق عندما قال بأن الذهاب إلى اﻷمم المتحدة لوحده لن ينتج عنه إقامة دولة فلسطينية. ومع ذلك، فقد أوضح اوباما بنفسه لماذا يشعر الفلسطينيون بأن عليهم الذهاب إلى هذه الهيئة الدولية. قال أوباما إن فشل الوصول إلى أي اتفاق والتأييد الساحق الدولي هي الأسباب التي دفعت الفلسطينيين الذهاب إلى اﻷمم المتحدة.

وبينما يهدف شرح أوباما هذا إلى تشجيع إسرائيل على التوصل إلى اتفاق ثنائي مع الفلسطينيين، إﻻ أنه يوجد هنا رسالة خفية؛ في حين أن الولايات المتحدة (لأسباب داخلية وبسبب اللوبي المؤيد لإسرائيل) قد تختار التصويت ضد هذا الإعلان، فمن الواضح أن إدارة أوباما سوف تفهم أن هذا هو البديل الوحيد اللاعنفي المتبقي للقيادة الفلسطينية اذا ما كان اﻹسرائيليون يرفضون قبول اﻷساس المقبول الآن دوليا (بما في ذلك الولايات المتحدة) للدولة الفلسطينية.

ومع ذلك، فإن ما لم يقله أوباما وما يجب على الفلسطينيين أن يبدأوا التفكير فيه هو ما سيحدث في اليوم الذي ستصدر فيه الجمعية العامة للامم المتحدة بجو  فائق الإثارة شهادة ميلاد دولة فلسطين.

إن البنية التحتية لدولة فلسطين تطورت بشكل جيد في السنوات الأخيرة، بتوجيه من رئيس الوزراء سلام فياض، إﻻ أنها لا تزال محدودة جدا في المناطق الخاضعة لسيطرة السلطة الفلسطينية. يجب على الفلسطينيين ومؤيديهم، بما في ذلك العديد من اﻹسرائيليين المؤيدين للسلام، أن يكونوا جاهزين لاستخدام إعلان قيام الدولة لتوسيع مناطق سيطرة السلطة الفلسطينية.

يجب على القادة الشباب وغيرهم من ابناء الشعب الفلسطيني مع مؤيديهم الدوليين والإسرائيليين أن يبدأوا الآن بوضع خطط تفصيلية لما يجب القيام به في الأيام التالية لإعلان قيام الدولة. يجب أن تكون مثل هذه الأفعال غير عنيفة تماما ولكنها ستكون بالتأكيد شرعية لأنها ستفرض تنفيذ هذا الإعلان الدولي على أرض الواقع.

وفي حين أنه ليس من الواضح إلى أي مدى سيذهب هذا الجهد وما مدى اﻷراضي التي سيجنيها، فإن اﻹعداد فضلا عن تنفيذ هذه الفكرة سوف يزيد الضغط على إسرائيل وعلى راعيها الولايات المتحدة لتحريك عملية التفاوض قبل إعلان إطار عملية السلام.

 

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .