مايو 11 2011

الأبرياء يدفعون ثمن الخلافات الداخلية

نشرت بواسطة الساعة 1:30 م تحت فئة اﻷردن -

* داود كتـّاب

من المؤسف أن يلجأ كثير من السياسيين أو المهتمين بالعمل السياسي إلى اتباع أسلوب عمل فاشل لتغطية أخطائهم أو ﻹبعاد النظر عن مشاكلهم الداخلية، وللأسف يتم التنكيل بأبرياء ﻻ علاقة لهم بوضع ما وذلك بهدف مصالحة داخلية، وهذه الطريقة تطبق في مناطق وفي ظروف مختلفة.

إن المتابع للعمل السياسي/العسكري في الشرق لأوسط يستطيع وبسهولة أن يرى أمثلة على ذلك ومن كافة الأطراف؛ فمن المعروف على سبيل المثال، أنه كلما واجهت إسرائيل ضغوطات في المفاوضات فهي تحاول أن تخفف من ذلك من خلال عمل عسكري ما، من جهة أخرى، إذا احتدت الاختلافات بين التنظيمات العسكرية في لبنان أو في غزة فقد ينتج عنها إطلاق هجوم على إسرائيل (غالبا ما يكون فاشلا عسكريا)، لعلم الأطراف أن ذلك سيزيد من شعبية هذا الفصيل أو ذاك.

لست في مجال مناقشة الصراع العربي الإسرائيلي أو أحقية أم عدم أحقية أو نجاعة الهجوم على إسرائيل أو توقيت الهجوم المسلح، ولكنني أردت أن أقدم هذا المثال لتوضيح ما يجري أحيانا في أمور سياسية ومحلية، ففي خضم النقاش السياسي والحراك الشعبي والمعارضة الحزبية والعشائرية في اﻻردن بدأنا نرى امتدادات لمثل تلك الأمور. فخلال نقاش موضوع يهم الوطن والمواطن تخرج لنا مجموعة معينة أو حزب ما بمواقف وأقوال ﻻ علاقة لها ﻻ من قريب أو من بعيد بصلب النقاش الذي كان جاريا.

ومثال على ذلك ما حدث مؤخرا داخل ما يسمى بمجموعة الـ 36، وهي مجموعة شخصيات عشائرية معارضة تقدمت برسالة احتجاجية وتلتها مجموعة مواقف كان يغلب عليها التلميح والتشكيك والغمز على مسؤولين دون الخوض بالتفاصيل أو تقديم بيانات. ولما كان في التهجم على شخص ما في الأردن يشكل مصدر شعبية لفئة سياسية معينة فقد زاد “الطخ” مؤخرا ودون تبرير أو حتى دون أي من عناصر التوثيق لذلك التهجم وتلك الشخصنة في الطرح السياسي المعارض.

ومن الطبيعي في العمل الإعلامي أن يتم التعامل مع تلك البيانات بجدية واهتمام حتى ولو كان الإعلامي مدركا أن هدف البيان هو جلب الاهتمام لشيء ما أو ربما إبعاد النظر عن أمر آخر، ولكن على الإعلامي أن يوازن بين النشر وعدم النشر بناء على مجموعة من العوامل منها أهمية ما جاء في البيان ومدى تمثيل الموقعين على البيان للمجتمع الأكبر الذين يدعون أنهم يمثلونه.

كما أن من الضرورة بمكان أن يتم وضع المواطن الأردني في صورة أي خلاف داخلي قد يكون سبب التهجم غير المبرر على هذا الشخص أو ذاك الرمز في مجتمع ما، فمثلا عندما قمنا بتفحص من هم وراء آخر بيان الـ 36 والذي جاء مليئا بالتهجمات غير الموثقة ـو المبررة ضد الملكة رانيا وجدنا أن خلافا داخليا كان ما بين الـ 36 كما صرح أحد أعضاء المجموعة، وكان ذلك الخلاف واضحا حيث كان البيان غير مدروس ومستعجل ومليء بالمغالطات والأخطاء من بينها أن كاتبي البيان ذكروا اسما غريبا لاسم عائلة الملكة رانيا قبل الزواج (ثم صححوا خطأهم) مما يعني أن هدف التهجم هو الهروب إلى الأمام لتغطية ضعف هذه المجموعة.

هناك مدارس فكرية مختلفة في موضوع النشر أو عدم النشر حتى ولو كان البيان صادرا عن مجموعة صغيرة نوعا ما في مدى تمثيلها لمجموعتها. فهناك من يقول أن النشر ضروري لإعطاء صورة للمجتمع لما يجري مهما كانت المجموعة غير تمثيلية ويعتمد مؤيدو هذه المدرسة على وعي المواطن وقدرته على التمييز، في حين يفضل آخرون أن يتم النشر فقط في حالة وجود حد أدنى من التمثيل لدى المجموعة المصدرة لتلك البيانات.

وفي عالمنا الحالي وخاصة في ظل الثورة الرقمية والذي يشهد غياب لدور المحرر ورئيس التحرير علينا العمل على زيادة الثقة بجمهورنا واعتماد عناصر التوعية في العمل الصحفي وذلك لتوفير بعض العناصر التي قد تساعد المستهلك على معرفة وزن صاحب ذلك الفكر وليس معرفة فكره لوحده.

لقد سئم المواطن الأردني محاولات السياسيين والمتطفلين على العمل السياسي استخدام أساليب مكشوفة لتغطية عجزهم وعدم قدرتهم على الخروج ببرنامج إصلاحي منطقي، مستخدمين أحيانا التهجم الرخيص ومحاولات الشخصنة دون تبرير فقد ولى عهده ولم يبق أحد في الأردن يمكن أن يقتنع بتلك الأقوال غير المبررة وغير الموثقة. وكما قال أحد أقارب الملكة قبل مدة: من له معلومات ووثائق تثبت أمرا ما فليتقدم بها وإلا فليصمت.

* الكاتب مدير عام راديو البلد وموقع عمان نت

 

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .