أبريل 28 2011

من يراقب المراقب؟

نشرت بواسطة الساعة 9:42 ص تحت فئة غير مصنف -

 

من المعروف أن مهام المجالس التشريعية عالميا تنحصر في موضوعي التشريع ورقابة السلطة التنفيذية. ولكن يبقى السؤال الأهم: من يراقب هؤلاء النواب ؟ والجواب التقليدي لهذا السؤال هو المواطن، ففي الديمقراطيات الناجحة يقوم المواطن ومن خلال صندوق الاقتراع بعملية استمرار أو “طرد” النائب بناء على أدائه. ولكن هل تنطبق هذه الآلية على مجالسنا البرلمانية في الأردن؟

إن أداء ممثلي الوطن تحت قبة البرلمان أمر مهم لو استطاع المواطن معرفة ما يجري. ففي غياب البث التلفزيوني والإذاعي الكامل غير المجتزأ لما يجري في مجلس الأمة وفي الصراع القائم بين البرلمان والصحافة حول حجم ونوع التغطية الإعلامية لهم، يبقى من الصعب على المواطن أن يحدد مدى نجاعة من يقوم بتمثيله في أعلى سلطة تشريعية ورقابية في الوطن.

هذه الدائرة الفارغة  يمكن أن يتم ملؤها من خلال متابعة حثيثة للمجتمع المدني والإعلام. ولكن وبالرغم من أن جلسات مجلس الأمة مفتوحة للجمهور فإن القليل جدا من المواطنين يبادرون لحضور جلسات مجلس النواب. ويشمل الغياب هذا المتخصصين في شؤون العمل الحزبي والسياسي إضافة إلى ممثلي عن المجتمع المدني. وهناك استثناءات بطبيعة الحال، ولكن غالبية الجلسات تتم بحضور يمكن عده على أصابع اليد.

لقد نجحت بعض المؤسسات  بكسر هذا الصمت، فقد تم خلال المجلس الحالي بث جلساته على الهواء مباشرة عبر راديو البلد، ولكن ذلك البث تم بصورة فيها نوع من التحايل حيث يتم إعادة بث لما يتم نقله عبر موقع “جوردن ديز” الإليكتروني. كما أن عددا من الصحفيين التابعين لمؤسسات إعلامية مستقلة رفعوا بلا شك سقف ما يتم نشره رغم أن الطابع العام للعمل الإعلامي التشريعي لا يزال في أسفل أولويات أصحاب القرار في الدولة الأردنية.

شبه الانغلاق الإعلامي هذا تم اختراقه خلال الأسبوع الحالي بنشر المرصد البرلماني في موقع “عمان نت” لدراسة متكاملة عن أداء المجلس السادس عشر لآخر 29 جلسة خلال 3 أشهر من عمر دورته العادية الأولى، وقد وفر الزميل حمزة السعود في دراسته المستفيضة وعلى الموقع الاليكتروني كنزا من المعلومات المتعلقة بحضور وغياب النواب ومداخلاتهم تحت القبة وتقييم تلك المداخلات. وقد نجح الزميل السعود بتوفير قاعدة معلومات متكاملة عن 119 نائبا في مجلس النواب توثق كافة نشاطاتهم البرلمانية تحت القبة.

ورغم أنها المرة الثانية التي يتم فيها رصد حضور وغياب وعدد مداخلات النواب، إلا أن الدراسة الحالية توفر إضافة نوعية لمساعدة المواطن بتقييم نائبه في البرلمان. فقد تم خلال الدورة الحالية رصد نوعية وليس فقط عدد مداخلات النواب. وقد ابتكر الزميل حمزة السعود طريقة مهنية ومحايدة لذلك، حيث رصد تقييم عدد من مندوبي الصحف اليومية لأداء النواب أولا بأول، وتم ابتكار نموذج تقييم يعتمد ثلاثة معايير: الأصالة، والتأثير، والأهمية، وقد أعطيت النماذج للصحفيين بصورة دورية بحيث اختلف المقيم من جلسة إلى أخرى، كما وقد نجح المرصد البرلماني في التخفيف من حدة انتقادات النواب للنتائج من خلال توفير الدراسة بأكملها لأمانة المجلس العامة قبل نشرها إعلاميا بأربع وعشرين ساعة.

ورغم شهادة العديد من المراقبين من صحفيين وممثلي المجتمع المدني لأهمية وموضوعية الدراسة إلا أن عدم القبول ساد أوساط عدد من النواب، وتحديدا السيدات منهم، والذين اتصلوا بمعد الدراسة محاولين الضغط عليه لتعديل النتائج أو سحب أسماء النواب الذين لم يبلوا بلاء حسنا. وكانت غالبية الانتقادات وفحوى المكالمات عمومية في طبيعتها ومشككة في النتائج دون إعطاء انتقاد عيني. فمنهم من رفض قبول عدد أيام الغياب ومنهم من كان مقتنعا بأن له/ها مداخلات أكثر مما تم رصده رغم وضوح المعد بأنه لم يشمل المداخلات اللغوية أو نقاط النظام أو مداخلات رئيس لجنة عندما يدافع فيها عن قرارات لجنته. إلا أن جل الانتقادات في حقيقتها جاءت في مجال المقارنة. فقد كان غضب النواب بتسجيل نائب آخر في مرتبة أعلى منه أو منها.

لم يكن وليس الهدف من دراسة مرصد البرلمان إرضاء النواب بل إن هدفها الرئيس هو توفير معلومات محايدة عن أداء نواب الوطن. ولا تكمن أهمية الدراسة في الوقت الحالي ولكن أهميتها ستكون كبيرة عند انعقاد انتخابات جديدة وإذا ما حاول بعض النواب الحاليين الترشح مرة أخرى. فالمواطن الناخب سيستطيع من الآن فصاعدا وبكبسة زر على موقع parliamentjo.net معرفة تحركات وأداء نائبه، والمتأمل بعد توفر تلك المعلومة أن يستطيع المواطن مواجهه نائبه وثم مكافئة أو معاقبة ذلك النائب.

وعلى سبيل المثال، لن يستطيع نائب ما الادعاء بأنه عارض رفع الأسعار في حين أن سجله على المرصد البرلماني خال من المداخلات في الجلسة التي تم فيها مناقشة رفع الأسعار. كما سيكون من الصعب ادعاء نائب ما أنة سيكون ممثلا حقيقيا للمواطن في البرلمان إذا ما كان قد غاب مثلا عن ثلث أو ربع جلسات البرلمان حسب الدراسة. فالنائب الآن أمام راصد يتابع تحركه موثقا ما يتم وموفرا للناخب كل ما يحتاج لكي يكون صوته في الانتخابات القادمة مبنيا على الحقائق وليس على الكلام المعسول أو إرضاء لجهة عشائرية وجهوية.

*الكاتب مدير عام شبكة الإعلام المجتمعي وهي مؤسسة غير ربحية تدير راديو البلد وموقع “عمان نت”.

للاطلاع على دراسة أداء المجلس من خلال: المرصد البرلماني

 

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .