مارس 28 2011

هل فقد جهاز الأمن الأردني مصداقيته وحياديته ومهنيته؟

نشرت بواسطة الساعة 1:43 م تحت فئة اﻷردن,غير مصنف -

بقلم داود كتاب

يعتبر جهاز الأمن في أية دولة منظومة تنفيذية واحدة تتشكل من أجهزة متعددة منها الشرطة والدرك والأجهزة المخابراتية، وتشمل عناصرها آليات وطائرات هيلوكبتر وعناصر بلباس رسمي وغيرها بلباس مدني، وكأي جهاز أمن فإن أجهزة الأمن الأردنية تقع عليها مسؤولية صعبة ومعقدة خاصة في فترات التجاذب الشعبي وانطلاق الحريات وارتفاع وتيرة الحراك الشعبي. وبسبب هذة التحديات الجسام يطلب من أجهزة الأمن ما لا يطلب من غيرها وهو الحياد التام والمصداقية مع الشعب.

لقد حاول جهاز الأمن الأردني التعامل مع الحراك الحاصل في الأردن بمهنية وحيادية إلا أن تلك الحيادية سقطت بعد ظهر الجمعة، وليس من المعروف إذا كان فشل أجهزة الأمن في الحفاظ على تلك الحيادية جاء بسبب الضغط من طرفين غير متفقين مع بعضهم البعض أم جاء بسبب قرار ما اتخذ لفك اعتصام حركة شباب 24 آذار الذي تمركز في ميدان جمال عبد الناصر أو ما يعرف شعبيا بدوار الداخلية، فانحياز الشرطة بدأ بعد ظهر ومساء الخميس عند فشل أجهزة الأمن وقف جهة ما حاولت إفشال الاعتصام من خلال قذف الحجارة عليهم الأمر الذي سبب عشرات الجرحى ولم يتم الإعلان عن أي اعتقال من الأشخاص المعتدين على المعتصمين السلميين، الأمر زاد سوءا عند قطع الكهرباء عن المعتصمين وهو أمر يشكك المعتصمون بأنه تم بدون معرفة أو حتى موافقة، إن لم يكن أمرا، من جهاز الأمن.

إلا أن ما حدث يوم الجمعة يعتبر غير مهم مقارنة مع ما حدث من انحياز بات واضحا للإعلامين وكافة المتواجدين في الاعتصام بعد ظهر الجمعة، وقد تواجد في اعتصام 24 آذار يوم الجمعة العديد من الشخصيات الوطنية ومنهم أعضاء في اللجنة الحوار الوطني، وصار واضحا لكل من شاهد ووثق الأحداث تواطؤ وانحياز أجهزة الامن ضد معتصمي الرابع والعشرين، ومن أهم عينات ذلك الانحياز:

· سماح أجهزة الأمن لسيارات آتية من اعتصام نداء الوطن ومن منطقة دوار المدينة الرياضية بالدخول للدوار الداخلية دون غيرهم، وكان واضحا أن السيارات المحملة بشباب النداء كانت ترفع العديد من الأعلام الأردنية، كما كانت مروحيات الأمن تتابع مسيرة المسيرات القادمة من حدائق الحسين وكان من الممكن إيقافها بسهولة لو كان هناك قرار بعدم السماح للتماس أن يحدث.

· السماح للمعارضين لاعتصام الـ 24 آذار من الوصول إلى الجسر المطل على الاعتصام دون غيرهم.

· عدم تدخل أجهزة الأمن عند بدء الاعتداء بالحجارة من شباب النداء حتى بعد إصابة أفراد الشرطة والذين لم يتم توفير أي وسائل للحماية لهم، فكيف تبرر أجهزة الأمن ارتفاع عدد المصابين من كوادرها دون اعتقال أي من المعتدين.

· السماح لقوات الدرك بالتدخل فقط لفض اعتصام الداخلية والمشاركين فيه دون المس بالمعتدين.

· قيام أفراد من الدرك بإزالة قارمة دوار جمال عبد الناصر في حركة استعراضية تعكس انتصارا ما على اسم الدوار المسمي من قبل مؤسسات رسمية أردنية.

· الأجواء الاحتفالية للدرك مع شباب النداء بعد الانتهاء من فض اعتصام الرابع والعشرين.

· جولات في شوارع العاصمة لبعض أفراد الشرطة على دراجاتهم النارية مع إضائة الإشارة وتوقف سائقي الدراجات بصورة احتفالية في خلال موكب لسيارات ضم مؤيدي نداء الوطن.

· صدور بيان للأمن العام يحتوي على مغالطات وتزوير للحقائق موثقة وثم القيام بمؤتمر صحفي يؤكد تلك المغالطات في الأحداث.

· التسرع في استنتاج سبب وفاة المرحوم خيري سعد والادعاء بأنه من مؤيدي نداء الوطن الأمر الذي نفاه بشدة ابنه وأخوه وكافة المشاركين في الاعتصام.

· امتناع التلفزيون الأردني من بث المؤتمر الصحفي بصورة مباشرة والاعتماد على بثه مسجلا بعد أن تم منتجة ما لا يرضي الأجهزة الرسمية وخاصة أسئلة الصحفيين والذين كانوا شهود عيان لتسلسل الأحداث.

من المعروف أن الحيادية والمهنية تتطلب مصداقية وعدم الانحياز مع هذا الطرف أو ذاك، والحيادية لها وجهان فهي تأتي في الممارسة وأيضا بالمظاهر، فالمطلوب من قوى الأمن ليس فقط الحياد ولكن أن تبدو للمشاركين بحياديتها.

فقد كثرت مثلا صور للشرطة الأردنية وهي تقف مكتوفة الأيدي وبجانبها أشخاص يحملون العصي دون إبداء أي موقف من ذلك، لقد قدم الباشا حسين هزاع المجالي نوعا ما من الاعتراف الخجول بتقصير أفراد جهاز الأمن الأردني عندما قال في نهاية مؤتمرة الصحفي إنه لا يدعى الكمال وكأنه يقول بصورة غير مباشرة إنه كان هناك أخطاء من قبل جهاز الأمن الأردني في تعاطيه ما أحداث الجمعة 25 آذار.

إن المطالبة بإصلاحات سياسية قد بدأ التجاوب معها من قبل السلطة التشريعية من خلال الموافقة على قانون الاجتماعات العامة والذي يسمح للأردنيين الاعتصام والتعبير عن رأيهم دون الحاجة للحصول على ترخيص مسبق، ولكن هذا القانون سيكون فارغا من محتواه ومن هدفه إذا لم تقوم السلطة التنفيذية بحماية المحتجين مهما كانت آراءهم، فالديمقراطية ليست فقط حكم الأكثرية بل من أهم ركائز الديمقراطية هو حماية حق الأقلية في التعبير عن نفسها بحرية وبدون منعهم من التعبير الحر.

لقد قشل جهاز ا الأمن الأردني من الحفاظ على مهنيته وحياديته وأنجر وراء أحد الجهات دون الأخرى وثم احتفل مع الجهه التي أيدها وثم قام باعتقال بعض المصابين حتى من داخل المشافي دون أي اعتقال تم الإعلان عنه للمعتدين، فإساءة الأمن ومخالفتهم لمهامهم وصمة يجب أن تتم معالجتها وبأسرع وقت لأن ثقة المواطن بجهاز الأمن تعتبر من أهم عناصر الحكم الرشيد وعنصر أساسي في بناء أردن ديمقراطي يحترم آراء جميع مواطنيه ويوفر لهم حقوقهم.

 

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .