يوليو 28 2009

أين سيادة القانون وحرية الفرد في غزة؟

نشرت بواسطة الساعة 1:36 م تحت فئة السياسة الفلسطينية -

*  بقلم داود كتاب

كنت ومازلت من المطالبين بحق جميع التجمعات والحركات الفلسطينية بالعمل السياسي والوطني. وقد اتهمت في العديد من التعليقات على مقالاتي بأنني من المؤيدين والمدافعين عن حركة حماس. إلا انه لا بد في هذا الوقت أن أقول إنني مستاء جدا من مواقف وتصريحات المسؤولين الحمساويين في غزة بتبرير بل بالتباهي بأمور كنا ولا نزال نرفضها لأنها من ممارسات سلطة الاحتلال الاسرائيلي. فكلنا شارك في تعرية المحتل الإسرائيلي عند قيامه بإجراء اعتقال إداري دون محاكمة إلا إن الاعتقالات السياسية في غزة ودون أي سبب سوى المساومة أصبحت امرأ طبيعيا تقوم به الجهات الأمنية لحماس دون أي خجل أو شعور بالندم.

اﻷخبار التي تصلنا من غزة من الأهل والأصدقاء تفيد بوجود المئات من المعتقلين دون تهمة أو محاكمة ودون الحد الأدنى من الحقوق للأسرى التي كنا ولإنزال نطالب المحتل الإسرائيلي ان يلتزم بها. فهل يعقل أن يتم ذلك علنا ودون أي اعتراض أو مراجعة من القوى الوطنية؟ إن القرار الأخير بمنع مئات من كوادر حركة فتح وأعضاء مؤتمرها العام من السفر الى مدينة بيت لحم يعتبر قمة العيب على مستوى العمل الوطني الفلسطيني. ألا يكفي لسكان قطاع غزة المحاصر قرارات المحتلين بمنع التنقل ليأتي طرف أخر وهذه المرة فلسطينيا يمنع السفر ويتباهى بان المنع سيستمر إلا إذا تم هذا المطلب أو ذاك؟ هل يعقل أن يتحول حق المواطنين بالتنقل وهو حق مكفول في الشرائع الدولية وبالذات المادة الثالثة عشرة والتي تنص على ما يلي: لكل فرد أن يغادر أية بلاد بما في ذلك بلده كما يحق له العودة إليه. وهنا يصعب علي الفهم كيف يمكن لنا الاستمرار بمطالبة المجتمع الدولي فك الحصار المفروض ظلما على أهلنا في قطاع غزة وبدون أي شروط في حين تقوم الحكومة الموجودة في القطاع بمحاضرة مواطنين عاديين وتمنعهم من المغادرة.

قد يفهم المرء أن حركة حماس وجدت في مسألة منع سفر أعضاء مؤتمر فتح نقطة ضعف لدى السلطة الوطنية ولذلك تحاول استخدام الموضوع للحصول على مكاسب سياسية ولكن هل من الممكن أن يقبل أي مواطن مبدأ العقاب الجماعي.

مرة أخرى أتألم وأنا أفكر كيف ننادي في كل محفل دولي وفي الإعلام ضرورة منع إسرائيل من العقاب الجماعي ضد أبناء الشعب الفلسطيني. فابتداء من الشكاوي الفلسطينية والعربية ضد إسرائيل بسبب مخالفتها اتفاقية جنيف الرابعة فيما يتعلق بالعقاب الجماعي من منع السفر وهدم البيوت ومصادرة الأراضي وفرض منع التجول وإقامة الحواجز والى آخره من عقوبات جماعية. واﻵن نحن بصدد قرار علني للسلطة الموجودة في عزة بمنع مواطنين فلسطينيين من السفر إلا إذا حصلت حكومة حماس على جوازات سفر أو إطلاق سراح بعض المتهمين بتهم أمنية.فهل يمكن قبول أن يتم ابتزاز جهة ما ومنع مواطنين للسفر بدون أن يتم تحقيق مطالبهم ؟ كيف يختلف ما يحدث إذا عن القول أن حركة حماس تحتجز الشغب الفلسطيني في عزة كرهينة ؟

إن أكثر ما يؤلم انه في الوقت الذي بدأ المجتمع الدولي بتقبل حقيقة وجود حركة حماس كحركة فلسطينية شرعية يتم التفكير بالتعامل السياسي معها تتصرف السلطة الموجودة في القطاع بطريقة تؤكد أسوأ الذات الإسلامية للسلطة. فهل يمكن أن يثق احد بقدرة سلطة حماس بالقيام بانتخابات أو الحكم بعدل بعد متابعة ما تقوم به وتصرح به علنا ودون خجل.

لقد نجحت قائمة التغيير والإصلاح في الانتخابات التشريعية عام 2006 بسبب غضب غالبية الشعب الفلسطيني من تصرفات مسئولي حركة فتح عبر عدة قرون من قيادة الشعب الفلسطيني. إلا انه في أسوء تصرفات حركة فتح والسلطة الوطنية الفلسطينية لم نرى معاقبه جماعية بمنع المواطنين من السفر بسبب موقف سياسي. بل بالعكس فالكل يشهد للرئيس محمود عباس انه رفض كافة المحاولات لمنع حركة حماس من المشاركة في الانتخابات. ولكن مع الفوز في أي انتخابات ومع تحمل السلطة هناك مسؤوليات يجب على الحاكم أن يتحملها للمحكومين. ويعتبر الأمر أكثر خطورة عندما يكون العقاب الجماعي مفروض على أفراد يمثلون جهة سياسية مناهضة. فمن أساسيات العمل السياسي العام انه من الممنوع أن يتم التحكم بالمواطنين بناء على توجهاتهم السياسية. إن قرارات الحكومة المقالة في غزة بمعاقبة مئات من أعضاء مؤتمر فتح تعتبر وصمة عار ليس فقط على جبين الحركة الإسلامية ولكن على جبين كافة الحركات الوطنية واليسارية والمستقلين ممن سكتوا وصمتوا أمام هذا الخرق الفاضح لحقوق الإنسان الفلسطيني من قبل جهة فلسطينية.

 

*صحفي فلسطيني وأستاذ إعلام سابق في جامعة برنستون الأمريكية.

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .