يونيو 21 2009

يجب التذكر أن الصحافة تمثل الجمهور

نشرت بواسطة الساعة 9:02 م تحت فئة اﻷردن,اﻹعلام الناشط -

بقلم: داود كتاب

حضرت يوم الثلاثاء الماضي الجلسة الشهرية لمجلس أمانة العاصمة وذلك بسبب وعد من الأمين مناقشة طلب طال أكثر من أربع سنوات بهدف السماح لإذاعتنا بث جلسات الأمانة بثا حيا.
لقد حضرت الجلسة مع الزميل محمد الشما وهو مراسلنا لشؤون الأمانة منذ عدة سنوات. لم يحضر جلسة الأمانة التي دامت ساعتين أي صحفي آخر سوى صحفي واحد حضر أول نصف ساعة ثم غادر. بعد الانتهاء من الجلسة قام الزميل محمد الشما بكتابة خبرين عن أهم ما جرى في الجلسة وتم رفعهما على موقع عمان نت.


في اليوم التالي طالعت صحفنا اليومية وفوجئت بقراءة النص الحرفي لما كان الزميل الشما كتبه وإذ به منشور في معظم الصحف إما تحت اسم مراسل أو دون اسم الكاتب ولكن في كل الأحوال دون ذكر المصدر. ويؤكد لي الزميل شما أن الموضوع ليس جديداً وأن رؤساء التحرير لهم معرفة به.

صباح السبت الماضي طالعتنا صحيفة يومية بتقرير مطول حول وضع الفنادق في وسط البلد. نشر الموضوع وجاء بناء على طلب مني وبهدف إظهار دور مؤسستنا الإعلامي. ذكرت الصحيفة اسم الكاتب وذكرت بعد ذلك كلمة خاصة بالصحيفة اليومية وكأن كاتبنا كان قد أجرى التحقيق لصالح صحيفتهم وهو أمر ينافي ابسط قواعد أخلاقيات الإعلام ألا وهو ذكر اسم المصدر وليس فقط الكاتب.
أذكر هذين المثالين ليس بهدف التركيز على أمر ذاتي ولكن على خلفية قرار رؤساء تحرير الصحف اليومية مقاطعة تغطية جلسات مجلس النواب وأخبار وزير الثقافة بسبب إقرار قانون يفرض ضريبة 5% من دخل الإعلانات لصالح وزارة الثقافة وتهجم النواب على الإعلاميين.
حسب رائي فقرار رؤساء التحرير للصحف اليومية وحتى بعض الأسبوعيات وبعض المواقع الالكترونية بمقاطعة تغطية جلسات مجلس النواب وأخبار وزير الثقافة قرارا غير مهنيا.

لا أعرف كيف يستطيع أي إعلامي تتركز مهنته بإعلام المواطنين تبرير ما يجري في البلد بمقاطعة أهم مؤسسة تمثل المواطنين وتكون مسئوله عن تشريع القوانين والرقابة على عمل الحكومة. كما ولا افهم منطق مقاطعة وزير بسبب سعيه دعم قانون يخدم مصلحة وزارته.
قد اتفق كثيرا مع رؤساء التحرير المعارضين لخصم جزء من دخل صحفهم لصالح أمر عام. كما وقد افهم انزعاج الصحفيين من قيام نواب بمهاجمتهم بسبب نشرهم دراسة تظهر تدني ثقة المواطنين بالنواب. ولكن الإعلام، كسلطة رابعة، ليس مضطر لمقاطعة احد بل عليه التعبير عن مواقفه من خلال صحفه. فلرئيس التحرير حرية الكتابة باسمه أو تحت بند الافتتاحية بأي رأي يعتبره مهما. كما وعلي الصحيفة المهنية إعطاء مساحة مناسبة للرأي الآخر مهما كان مخالفا لهم.

وما يزعجني من موقف الصحف اليومية هو تجاوزها لخط الأحمر خاصة في الخلط ما بين التغطية الصحفية وصفحات الرأي وكذلك خلط الأمور بين الجانب الصحفي والجانب المالي. فالإعلامي وخاصة رئيس التحرير إنسان مسئول عن توفير كافة المعلومات لكي يستطيع المواطن اتخاذ القرار المناسب. فالإعلامي يجب دائما أن يغطي الأخبار لا أن يصبح جزءً من الأخبار، والإعلامي المسئول يجب أن لا يستخدم وسيلة إعلامية كأداة ضغط لتحقيق مصلحة معينة مهما كانت وحتى لو كانت بنظره شرعية. فوسيلة الإعلام المهنية هي ممثلة للشعب وليس ممثلة لمصالح شخصية حتى مصالح أصحابها. كنت قد أتفهم موقف مدير عام أو صاحب جريدة من موضوع الخصميات ولكن أن يتبنى الموضوع رؤساء تحرير وبمقاطعة مجلس الأمة أمرا في غاية الخطورة.

كان المهتمون بمهنة صناعة الإعلام في الماضي ينتقدون أصحاب الصحف الأسبوعية لاستخدامهم النقد والتجريح كوسيلة لابتزاز من لا يريد أن يقوم بالاشتراك بصحفهم أو الإعلان فيها. ومؤخرا انتقلت العدوى للمواقع الالكترونية وبدأنا نسمع ونتصفح مواقع تهاجم تلك المؤسسة الرسمية أو ذلك المصرف إلا أن يتم التعاقد معهم وفجأة يتم سحب المقالات الناقدة من الموقع ويتم رفع مقالات مادحة لنفس المسئول المنتقد قبل أيام.
نأمل من إعلامنا مستوى مهنياً يحترم ويدافع عن حق الإعلامي بالقول والنقد والدفاع وإسماع الرأي والرأي الآخر بغض النظر عن الجانب المالي لصحيفته أو رد فعل هذا النائب أو ذاك.

لقد صوت عدد من النواب مع قانون الخصم وصوت آخرون ضده. أما رؤساء التحرير فقد قرروا مقاطعة المجلس بكامله. هذا الموقف يذكرني بالعقاب الجماعي الذي تمارسه مدرسة على كافة الطلاب بسبب مشاغبة البعض.
بعد أيام وربما قبل نشر هذا المقال سيتم تسوية الأمور مع النواب ومع وزير الثقافة وستعود المياه الإعلامية إلى مجاريها. إلا أن الأمر بالنسبة للجمهور القراء وهو أساس عمل الصحيفة ورأس مالها الحقيقي لن يتم الاكتراث برأيه وكأن الجمهور عبارة عن قطيع من الغنم يمكن أخذهم للمقاطعة في يوم والعودة عن المقاطعة اليوم الآخر. إن مهنية العمل الإعلامي تتطلب موقفا أكثر رزانة وجدية. فعلى رؤساء تحرير صحفنا الغراء التذكر أن موقعهم كسلطة رابعة منوط بمدى ما يعكسون بمهنية عالية رغبة الجمهور وحسمهم الواسع وليس الفئات الصغيرة حتى لو كان ذلك أصحاب الصحف نفسهم. فثقة المواطن غالية وغالية جدا ومن الأفضل أن لا يتم التساهل معها.

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .