ديسمبر 09 2015

“ديزل جيت” أردنية

نشرت بواسطة الساعة 12:44 م تحت فئة مقالاتي,اﻷردن -

زاوية تكوين/عن موقع عمان نت

بقلم داود كُتّاب *

اكتشف خبير مختبرات في جامعة وست فرجينيا الأميركية منذ أشهر عدة، أن سيارات الفولكسفاجن، التي تسير على وقود الديزل، تقوم بخداع جهات المواصفات والمقاييس للتغطية على عدم التزام سياراتها بمعايير الانبعاث.

خطر ببالي هذا الموضوع بعد فشل سائق باص مؤسستنا، التي تسير على الديزل أيضاً، من اجتياز شروط دائرة الترخيص في ماركا لخروج الانبعاثات منه، فاقترح أحد العاملين أن نقوم بخلط مادة معينة مع السولار قبيل التوجه مرة أخرى إلى دائرة الترخيص كي تقلل من الانبعاث. في البداية رفضت الفكرة، وطلبت الذهاب إلى كراج لإصلاح العطل في حافلتنا، لكن سائقنا أصر أن محرك الحافلة جيد، وأن المشكلة سببها نوعية السولار السيئة المتوفرة لدى مصفاة الأردن الوحيدة في الزرقاء.

الفكرة نفسها كررها أحد سائقي السيارات العامة الذي كان في زيارة إلى إذاعتنا، واقترح على سائقنا طريقة معينة لخداع الفاحصين للانبعاث من خلال تشغيل المروحة الداخلية. لم أقتنع برأيه، وكررت ضرورة تصليح حافلتنا لكي تتوقف عن بعث السموم، غير أن ضيفنا نوّه بأن المشكلة ليست بالحافلة، إنما بنوعية الديزل المتوفر من الشركة الوحيدة المسموح لها ببيعه في الأردن.

بقيت أشك في المعلومة، ورددت بقولي “يعني ذلك أن كل وسيلة نقل تستخدم الديزل في البلد مخالفة لمعايير السلامة التي تصر عليها دائرة الترخيص” أمام خبير المركبات والناشط في الحركات النقابية للعاملين في النقل، الذي أكد أن ذلك صحيح، وقدم رهانه إن كنت أستطيع أن أجد حافلة واحدة تسير على الديزل في الأردن تجتاز معايير جودة الانبعاث.

تواصلت مع الزميل مصعب الشوابكة لمعرفة إن كان يرغب بإجراء تحقيق استقصائي حول القضية، لكن رده كان بسيطاً ومنطقياً بأن كل ما تحتاجه هو فحص نوعية الديزل الذي يباع من خلال مصفاة البترول.

اكتشاف الغش في سيارات الفولكسفاغن الألمانية أسفر عن استعادة 2,5 مليون سيارة، وتصليح الخطأ بتكلفة باهظة، وفُرضت استقالة الرئيس التنفيذي للشركة الألمانية العملاقة المسؤول عمّا يسمى بـ”ديزل غيت”.

هل نواجه مشكلة “ديزل غيت” أردنية؟ دائرة المواصفات والمقاييس تستطيع طبعاً أن تجيب عن هذا السؤال من خلال القيام  بفحص نوعية السولار.  المشكلة غير المعلنة أن مصفاة البترول تحتكر بيْع هذه المادة، وليس لها منافس، مما يعني أن رفض دائرة المواصفات والمقاييس السماح بالسولار الصادر عن المصفاة سيشكل شللاً كاملاً لوسائل النقل.

هل تمتلك “المواصفات والمقاييس” الشجاعة لفحص الديزل، والإعلان عن النتائج مهما كانت، ثم متابعة ذلك بالإجراء المناسب لحمايتنا من انبعاث السموم كلما سرنا وراء حافلة أو شاحنة؟ لأن سلامة المواطنين وحياتهم معرضة للخطر من خلال استنشاقهم لتلك السموم.

تتطلب المسألة رداً من دائرة الترخيص، فمن المستحيل أنها تصدر تصريحاً لكل هذه الحافلات التي تسير على الديزل، ولا تعلم إن كانت نوعيته هي سبب انبعاث السموم، أم أن المحرك هو السبب.

قد يتمكن سائقون خداع بعض من يقومون بالفحص، لكن إن كانت المشكلة ناتجة عن نوعية الديزل، فإن ما يحدث في دائرة الترخيص هو جريمة بحق الوطن والمواطن، ويجب معالجتها بأسرع وقت.

* داود كتّاب: مدير عام شبكة الإعلام المجتمعي. أسس العديد من المحطات التلفزيونية والإذاعية في فلسطين والأردن والعالم العربي.

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .