يناير 05 2012

الحرب على غزة بعد ثلاث سنوات

 

*  بقلم داود كتاب

منذ ثلاث سنوات مضت، شن الجيش الاسرائيلي هجوما عسكريا كبيرا ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة بهدف وقف القصف من غزة والافراج عن أحد جنوده الذي كان محتجزاً في القطاع. قتل أكثر من1,400  فلسطيني من بينهم العديد من النساء والأطفال وجرح الآلاف وتكبدت الممتلكات العامة والخاصة وتلك التي تملكها جهات دولية أضراراً نتيجة للهجوم الذي جاء من البر والبحر والجو.

فشلت الأهداف المعلنة والمصرح عنها في هذه الحرب الإجرامية ضد سكان محاصرين ومقاتلين مسلحين تسليحا خفيفا. تواصل القصف من قطاع غزة بشكل متقطع منذ بداية الحرب وتباطأ إلى حد كبير نتيجة لقرار أحادي الجانب من قبل حماس وكان يمكن أن ينتهي على الفور لو أن اسرائيل تعاملت مع الحركة الاسلامية. أما بالنسبة للجندي الإسرائيلي الأسير، فإن الإسرائيليين كانوا مضطرين أن ينفذوا ما قدمت لهم حماس منذ اليوم الأول أي مبادلته مقابل فلسطينيين مسجونين.

إن إسرائيل وحماس بدرجة أقل، اتهما من قبل قانونيين دوليين مشهورين معينين من قبل الأمم المتحدة بارتكابهما جرائم حرب. بعد ضغوط شديدة عليه وعلى عائلته كتب رئيس لجنة الامم المتحدة القاضي ريتشارد غولدستون وهو من جنوب أفريقيا في وقت لاحق مقال رأي مغيراً فيه بعضاً من استنتاجات اللجنة التي كان يرأسها ولكنه لم يقدم أي تغيير رسمي في التقريرالذي كان قد قُدم للأمم المتحدة.

لقد استمر الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة وقد تم تبريره علنا ​​من قبل البلدان الرئيسية في العالم على الرغم من أنه كان وسيظل حصاراً غير قانوني تماما.  لم توافق أية هيئة دولية تقييد حركة الناس والبضائع من وإلى قطاع غزة. وقد أدت الجهود الدولية لكسر الحصار إلى تخفيفه وذلك بحكم الأمر الواقع.  وللأسف، فإن هذا الجهد قد كلف حياة تسعة من نشطاء السلام الأتراك (من بينهم مواطن أميركي من أصل تركي).  ومنذ ذلك الوقت انهارت علاقات إسرائيل مع عضو في حلف الناتو نظرا لرفضها الاعتذار عن قتل الأتراك في مياه دولية.

وفي حين أن التخفيف الطفيف للحصار (لا سيما في ما يخص مواد البناء) قد أدى إلى بدايات لإعادة الاعمار فإن هناك حاجة إلى أكثر من ذلك بكثير.  لقد تدفقت ببطء في قطاع غزة المأهول بالسكان مئات الملايين من الدولارات التي تم التعهد بها في مؤتمر شرم الشيخ لإعادة إعمار غزة ولكن معظمه قد ذهب إلى أو من خلال منظمات دولية مثل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).

سواء كان التغيير قد تم نتيجة للربيع العربي (خاصة في ما يتعلق بمقر حماس في دمشق) أو نتيجة لأسباب أخرى فإن حماس شهدت ببطء تغييراً ملحوظاً منذ عدة سنوات. إن الحكم يمكنه عمل الكثير للتخفيف من الأيديولوجيات الحزبية؛ فالخوف من الإخفاق في الانتخابات المقبلة يمكن أن ينتج عنه أشياء مذهلة لتليين الجوانب الحادة لأية حركة سياسية.

في هذا الصدد، فإن جهود المصالحة الفلسطينية قد أسفر عنها بعض التغييرات التي لم يسبق لها مثيل في الخطاب السياسي وكذلك في الأعمال اليومية لحركة حماس والحكومة المقالة.  ويعلن خالد مشعل، قائد حماس، الآن تغيير استراتيجية المقاومة في حركته.  فمن الآن فصاعداً، فإن حماس تعتبر المقاومة الشعبية ضمن أولوياتها في كل أنشطتها.  ويترجم هذا الموقف على الارض في غزة عن طريق امتناع الحركة من اطلاق صواريخ باتجاه اسرائيل وفي اعتقال ومنع أي فرد أو مجموعة من القيام بذلك.  ويفسر ذلك بأنه ضروري لأجل المصلحة العليا للفلسطينيين في غزة.

سياسياً، فإن حركة حماس تقوم ببطء بإزالة كل القضايا التي تسببت في عزلتها الدولية. وبالموافقة على الانضمام إلى منظمة التحرير الفلسطينية فإن حركة حماس تعترف باسرائيل بشكل غير مباشر وهو الأمر الذي قامت به رسمياً منظمة التحرير الفلسطينية عشية اتفاقات أوسلو عام 1993.

دوليا، فإن المجتمع الدولي لن يكون قادراً على تبرير استمرار عزل حماس حتى لو أصرت اسرائيل على مثل هذه العزلة.  فالولايات المتحدة وقادة غربيون آخرون قد أعلنوا علناً عن استعدادهم للعمل مع جماعة الاخوان المسلمين وغيرهم من الاسلاميين الذين فازوا بالانتخابات أو السلطة في تونس وليبيا ومصر.

إن غزة في نهاية عام 2011 ليست هي نفسها كما كانت في نهاية عام 2008 من الناحيتين السلبية والإيجابية على حد سواء.  يتطلب الربيع العربي أن يتم إزالة الحصار الحالي وجميع آثاره مرة وإلى الأبد حتى يتمكن الفلسطينيون في قطاع غزة أن يعيشوا بشكل طبيعي مع القدرة على التحرك من وإلى قطاع غزة وإلى إخوانهم الفلسطينيين في الضفة الغربية والعالم من حولهم على حد سواء.  كما ينبغي أن يكون للبضائع الفلسطينية والشعب الفلسطيني من الضفة الغربية الحق في التنقل دون قيود الى القطاع ودون أن يمنعهم حصار غير قانوني وغير أخلاقي.

*  صحافي فلسطيني

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .