مايو 07 2011

الثورات العربية قتلت فكر بن لادن قبل أن يصله الأميركيون

لو حاول المهتمون بتنظيم القاعدة التحول إلى اليمن لمعرفة ما ذهبت إليه “قاعدة” أسامة بن لادن، فإنهم سيتفاجأون. فالشعب اليمني، على غرار معظم دول العالم العربي، قد تخلى منذ فترة طويلة عن بن لادن وأيديولوجيته، كما ظهر ذلك في الانتفاضة الشبابية العربية.

ففي الأشهر القليلة الماضية، قاد مئات الآلاف من اليمنيين -صغارا وكبارا، رجالا ونساء – اعتصامات واحتجاجات ومظاهرات سلمية وعصيانا مدنيا. على الرغم من أن الحزب الحاكم وممثليه قد عملوا كل ما بوسعهم لحث اليمنيين على حمل السلاح، إﻻ أن المتظاهرين قد أظهروا مرونة وانضباطاً وتصميماً على الحفاظ على النهج السلمي للاحتجاجات.

هذا ليس مجرد مناورة تكتيكية، فالقادة الدينيون اقتبسوا من القرآن الكريم والتقاليد الإسلامية لدعم حججهم السلمية في حديثهم في ساحة التحرير في العاصمة صنعاء.

في الواقع، شكل نبذ العنف وعدم وجود بصمات للفكر الأصولية الإسلامية في ربيع العرب، بينما كانت ادعاءات الطغاة عكس ذلك.

لفد أظهرت التركيبة السكانية للمتظاهرين في منطقة الشرق الأوسط أيضا ابتعاداً عن الأصولية الإسلامية. فكافح المسيحيون والمسلمون معاً واحتفلوا معاً بنهاية نظام حسني مبارك. وفي سوريا، أطلق المتظاهرون على احتجاجات يوم الجمعة السابقة لعيد الفصح اسم “الجمعة العظيمة”، تماشياً مع الاسم العربي المسيحي للجمعة الحزينة لتنأى بنفسها عن المتطرفين الإسلاميين، وقد تم اﻹبلاغ عن المسيحيين من بين الذين قتلوا على يد القوات السورية. كما انضم المسيحيون العرب والمسلمون العلمانيون أيضا إلى الاحتجاجات في مصر وسوريا والأردن.

وأظهر الإسلاميون في أجزاء كثيرة من العالم العربي نضجاً سياسياً وتسامحاً وشمولية. حيث رفض عصام العريان، وهو من كبار قادة الإخوان المسلمين في مصر،عندما ألح عليه مراسل التلفزيون، التنديد علنا بقرار اللجنة العسكرية العليا في مصر الذي ينص على احترام الاتفاقات الإقليمية والدولية، بما في ذلك معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية.

على الرغم من الاحتجاجات السلمية، واصل الديكتاتوريون العرب طلب الدعم الدولي لقمع اﻻنتفاضات بحجة واهية بأنهم يقاتلون تنظيم القاعدة. وكثيرون في الغرب قبلوا للأسف هذا التبرير وترددوا في الدفاع عن حقوق الشعب للإطاحة بالقادة الذين فقدوا شرعيتهم عن طريق قتل المتظاهرين المسالمين. فالبلدان الديمقراطية التي تدعم الأنظمة الاستبدادية تجسد عكس القيم التي تدعي أنها تمثلها.

إن تخلي الشعوب العربية علناً عن وحشية أيديولوجية أسامة بن لادن ووفاة زعيم تنظيم القاعدة، من شأنه أن يغلق فصلا حزينا في العلاقات الدولية وأن يضع حداً لخلق الصورة النمطية لشعب ودين ومنطقة بأكملها نتيجة ﻷعمال إجرامية لمجموعة واحدة.

لقد حان الوقت في اليمن والبحرين وسوريا وليبيا لتبني رغبة العرب والشباب على وجه الخصوص، لتقاسم السلطة من خلال الحكومات التي تعكس التنوع والتعددية في العالم العربي.

 

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .