أبريل 01 2011

القيادة بالقدوة

نشرت بواسطة الساعة 8:04 م تحت فئة اﻷردن -

بقلم داود كتاب

بعد الانفجار العنيف في تجمع دوار الداخلية يوم الجمعة الماضي فإن السؤال الذي يسأله الجميع هو:  أين نذهب بعد ذلك ? هل سيستمر جو المواجهات والشك في الآخر والتصريحات المتباينة للأحداث والمطالبات المتنافسة في الولاء في الأسابيع المقبلة؟ هناك العديد من الأسئلة على كل من الحكومة والإصلاحيين المناهضين لها الإجابة عليها في هذا الصدد. 

لقد أظهر مسح سريع للمناقشات الداخلية أن كلي الفريقين يواجهان حقيقة واقعة عليهما التعامل معها من الآن فصاعداً، فلم يعد من الممكن الاستمرار في إخفاء القضايا تحت البساط، ولكن قبل أن يتم التعامل مع هذه القضايا، ينبغي أن نكون واضحين وشفافين بأن لا أحد له الحق في الادعاء بأنه أكثر ولاء وحبا للدولة والملك من غيره، وكما قال جلالة الملك للجنة الحوار الوطني إنه لا ينبغي على أحد أن يشك في ولاء الإصلاحيين ولا أن تقاوم رغبة الإصلاحيين بتحقيق الإصلاح بشكل مستمر. إذا تم الاتفاق على وجود حاجة للإصلاح وأنه ليس هناك شك في ولاء كلي الطرفين فما هو المطلوب إذاً بينما نمضي قدماً؟
بادئ ذي بدء، يجب على الحكومة وبشكل واضح لا لبس فيه أن تتوقف في الانحياز إلى جانب أحد الأطراف، فقوات الأمن مع كل أجهزتها الخاصة (ويجب أن ينظر إليها على أنها منظومة واحدة لا جهات مختلفة) لا يمكنها أن تسمح لأي طرف أن يحاول تهديد الفريق الآخر. ويجب على الحكومة ولا سيما قوات الأمن أن تحافظ على مسافة متساوية تماماً مع تلك التي تعطي الأولوية لمطالب الإصلاح وأولئك الذين يمنحون الأولوية للولاء للملك، وأية محاولة للإساءة أو إيقاف الآخر يجب أن يتم منعه فوراً.

لا يجب على أية قوة أمنية سواء كانت بالزي الرسمي أو السري أن تنحاز أو يلاحظ أنها انحازت إلى طرف ما، ولا يجب أن يشارك أي مسؤول حكومي أو أية وكالة أو أجهزة أو معدات بشكل مباشر أو غير مباشر في دعم وتوفير وسائل النقل والمواد الغذائية أو أية حوافز أخرى لهذا الطرف أو ذاك، ولا ينبغي على أفراد القوى الأمنية سواء كانت بالزي الرسمي أم لا، أن تكون واقفة ساكنة بلا حراك عندما تحدث المشاكل ولا ينبغي أن يراهم أحد يحتفلون عندما يبدو أحد الفريقين منهزما، كما شوهد ذلك وتم تصويره الأسبوع الماضي.

كما يجب على الجماعات التي تعطي الأولوية للإصلاح أن تتعلم أيضاً من أخطائها وأن تقوم ببعض الجهود الجادة لتصحيحها، إن النقد الذاتي والإصلاح يجب أن يبدأا في الواقع من الداخل إذا كان على الشعب أن يثق بأن هؤلاء المصلحين الشباب سيواصلون الضغط من أجل الإصلاح، وهذا يعني أنه يجب على المتظاهرين أن يظهروا انضباطاً أكثر بكثير مما أظهروه حتى الآن، فيجب فحص المتكلمين قبل أن يقفوا أمام الميكروفون الذي يمتلك تأثيرا في غاية القوة، يجب أن يتم الاتفاق مسبقاً على الشعارات وكذلك القضايا العامة التي يجب معالجتها كتابة وعلانية.
إن إقامة أي تحالف ليس بالأمر السهل، بل يتطلب تنازلات، وإذا كان من غير الممكن للمتظاهرين أن يوافقوا على مسألة معينة فعندئذ لا ينبغي أن تتم أية محاولة لتمريرها شفهياً أو خطياً، فالإهانة العلنية هي مشكلة أخرى يبدو أن كلي طرفي التظاهر أتقناها، والمطلوب هو بذل جهد أكبر في الانضباط بحيث أن لا يرد الشعب على كل إهانة ولكن أن يتخذ رداً محسوباً يضمن استمرار الاحتجاجات وبالتالي الحصول على نتائج أفضل، ويجب أن يتم التنسيق مع قوى الأمن العام بشأن اختيار موقع المظاهرة إلا إذا كان الهدف من ذلك هو في الواقع الإخلال بالنظام العام فمن غير المنطقي أن يختار المتظاهرون موقعاً يجعل مهمة قوات الأمن صعبة.

وفي حين أن كلاً من الحكومة والمحتجين يجب أن يبذلا جهوداً جادة لضبط بعض أعضائهما الأكثر عدوانية فإن المطلوب من وسائل الإعلام أن تكون حيادية كذلك، بطبيعة الحال، فإن الهجمات على وسائل الإعلام التي شهدناها يوم الجمعة الماضي هي فاضحة وكذلك كان القرار المتسرع من قبل حركة 24 آذار بطرد صحفيي التلفزيون الأردني، ولكن كلاً من الحكومة ووسائل الإعلام المستقلة يجب عليها أن تكون محايدة، ويتعين على المهنيين الذين يقومون بتغطية مختلف المناسبات أن يكونوا حذرين بشأن المبالغة في الأرقام  وإعطاء وقت متساوٍ لطرح وجهات النظر المختلفة، وعلى التلفزيون الأردني والإذاعة والصحافة شبه الحكومية أن يقفوا على مسافة متساوية من الجانبين، كما يجب أن تعطي وسائل الإعلام المستقلة أيضاً كلي الطرفين وقتاً متساوياً وفرصة لعرض وجهات نظرهما.

إن مثل هذا الجهد ينبغي أن يكون جدياً، وبذل الجهد للوصول إلى هذا الموقف لا يكفي بل يتعين على الصحفيين تبني وجهة النظر الأخرى وأن يقدموا عرضاً فعالاً قوياً لكل وجهات النظر. إذا كانت الحكومة والمجموعتان من المحتجين قد اتفقوا حول ولائهم ورغبتهم في إصلاح الواقع عندئذ تكون الطريق واضحة للجميع في التحدث بحرية ودون ضغوط أو تدخل.

وفي حين أن جميع الأطراف المعنية يجب أن تعتمد الحياد فإنه من الضروري على القادة، سواء كانوا في الحكومة أو في حركة الاحتجاج، أن يقدموا مثالاً يحتذى به.

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .