فبراير 17 2011

بعد تونس ومصر من هم الرابحون والخاسرون

نشرت بواسطة الساعة 1:44 م تحت فئة مقالاتي -

بقلم داود كتاب

بعد انتصار الثورة الشعبية المصرية، وقبلها التونسية فإنه أصبح من الممكن تحديد الفائزين والخاسرين في جميع أنحاء العالم العربي.

قد يكون من الكليشيهات أن نعتبر أن الطغاة هم اكبر الخاسرين وأن الشعوب هم الفائزون، إﻻ أن الحكام الذين استطاعوا أن يحكموا لسنوات طويلة إلى جانب مقاومة ضئيلة اكتشفوا فجأة أن المقاعد التي تشبثوا بها أصبحت ساخنة بشكل لا يطاق. كما لا بد من التأكيد أن الأحزاب الحاكمة تشعر هي أيضاً بأن الأرض بدأت تهتز تحت أقدامها. وبينما تزيد قوة الشعب حجماً وشجاعة، فإن هذه الأحزاب التي حكمت لسنوات دون أي تحدٍ يذكر تواجه أيضا الموجة ذاتها، وهي غير قادرة أن تقف أمام تمحيص شعوبها.

شجاعة الشباب العربي التي ظهرت حديثا انتشرت من بلد إلى آخر. لقد تم انتزاع الحق في التظاهر والتعبير الذي كان محظوراً لسنوات عديدة في البلدان العربية وذلك نتيجة للتضحيات التي حدثت في الشوارع. وما أن تم كسر حاجز الخوف حتى فاز الشبان بالحق في التجمع وهو حق أساسي منصوص عليه في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

من المعروف أن الشجاعة أمر معدٍ. لقد انتشرت هذه الشجاعة التي عبر عنها شبان تونسيون ومصريون غاضبون في جميع أنحاء العالم العربي الذي اكتشف شبانه أن لديهم قوة مذهلة عن طريق الوقوف في وجه حكامهم.

ربما يمكن مشاهدة هذه القوة المكتشفة حديثاً من خلال التغييرات التي تحدث في عالم الإعلام العربي. إن مئات الملايين من العرب الذين أجبروا على استهلاك الأخبار والتعليقات من خلال حفنة من مسؤولي الإعلام الحكومي يكتشفون ويتمتعون بمصادر بديلة ومستقلة للمعلومات. إن تداعيات “تسونامي السلطة الشعبية” التي بدأت في تونس ومصر أصبحت محسوسة حتى داخل وسائل الإعلام الحكومي. كثيرون بدأوا يغيّرون أسلوبهم، في حين أن البعض الآخر ما زال يتمسك بأسلوبه الدعائي ويكتشف أن موظفيه يتخلون عنه وهم غير راغبين في الاستمرار في الكذب على شعبهم.

إضافة إلى فوز الشباب واﻹعلام فهناك حركات سياسية تُعتبر من ضمن الرابحين. إن الإخوان المسلمين والإسلاميين المماثلين الذين دافعوا لسنوات عن سياسة أيديولوجية (على نقيض الجهاديين) يختبرون شعوراً بالقوة والتجديد السياسي. لقد بدأت بعض الحكومات حواراً مع قادتهم الذين كانوا حتى عهد قريب مهمشين أو صنفوا على أنهم غير شرعيين سياسياً.

كما وتلقت القومية العربية فجأة دفعة قوية نتيجة للثورة الشعبية في العواصم العربية. فهذا الُمنَظّر اﻷول للقومية العربية- عزمي بشارة- أصبح جزءً لا يتجزأ من التغطيات المتواصلة لثورة الشباب العربي. وهذه صور جمال عبد الناصر تعود فجأة لتملي شاشات التلفزيون والصفحات اﻷولى من الصحف والمجلات العربية.

من ناحية أخرى، إن القوى الغربية التي دعمت وظلت لسنوات تدعم هؤلاء الحكام ولم تدافع عن ضرورة احترام شركائها من الزعماء العرب بالحقوق السياسية لشعوبهم هي من بين أكبر الخاسرين في العالم العربي في ما بعد الانتفاضة الشعبية التونسية والثورة المصرية.

لا يمكن للسياسات الخارجية لدول مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، التي تلقت بانتظام إشارة إيجابية من هؤلاء الحكام مقابل تأييدهم لسياساتها الداخلية، لا يمكنها أن تستمر كما هي.

يتم الآن تمكين الشعوب من تونس ومصر ودول عربية أخرى من رسم السياسات الخاصة بهم. كيف سيكون تأثير كل هذا على الصراع العربي الإسرائيلي ليس واضحاً بعد.

لقد أظهرت أحداث الأشهر القليلة الماضية أن غالبية السكان العرب تركز على القضايا الداخلية وتصر على حكوماتهم أن توجه السياسات المستقبلية نحو توفير فوائد اقتصادية أو اجتماعية. وهذا لن يعزز بالضرورة القدرات التفاوضية للمفاوضين الفلسطينيين ولكنه سيزيل محاولات المنافقة من قبل القادة العرب الذين تظاهروا بأنهم أعطوا الأولوية لحل القضية الفلسطينية.

وفي الوقت نفسه، فإن البلدان العربية كلما أصبحت أكثر ديمقراطية كلما أضعف هذا من مطالبة إسرائيل في التفوق العسكري وأضعف ادعاءها بكونها الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، وهكذا يرغمون الإسرائيليين أن يكونوا أكثر استعداداً للاستجابة للتطلعات الفلسطينية في الحرية والتحرير.

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .