نوفمبر 03 2009

هل الانتخابات ستساعد أو ستؤذي المصالحة الفلسطينية؟

نشرت بواسطة الساعة 1:46 م تحت فئة السياسة الفلسطينية -

بقلم داود كتاب

إن المرسوم الذي أصدره محمود عباس، رئيس السلطة الفلسطينية، دفع الصراع بين الفصيل الرئيسي في منظمة التحرير الفلسطينية، حركة فتح، وحركة المقاومة الإسلامية حماس إلى مرحلة أخرى. في حين أن كثيرين يعتبرون هذه الخطوة مخاطرة كبيرة بالنسبة لمستقبل فلسطين، يرى آخرون أنه هو السبيل الوحيد الديمقراطي للخروج من المأزق.

كما هو معروف منذ وقت طويل، فإن 25 أكتوبر هو موعد انتهاء المهلة الدستورية الحالية للسلطة الفلسطينية الشرعية كهيئة منتخبة. فالقانون الأساسي الفلسطيني، وهو نوع من الدستور المؤقت، دعا وبشكل واضح إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية في آن معاً. ووفاة ياسر عرفات المفاجئة، والانتخابات الرئاسية المبكرة بعد 60 يوما من ذلك، وفقا للقانون الأساسي، قد خلقت مشكلة وهي أنه من أجل إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في نفس الوقت، كانت الحاجة إلى أحد أمرين: إما أن تجرى الانتخابات النيابية قبل نهاية المدة العادية أو أن تتأخر الانتخابات الرئاسية.
إن اختصار مدة انتخابات كانون الثاني 2006 قد اعتبر صعوبة سياسية بسبب الصراع مع حماس الذين فاز أنصارهم بأغلبية المقاعد. واختيار تأجيل الانتخابات الرئاسية هو اختيار لأهون الشرين. مبدئياً، بدأ قادة حماس يشككون في شرعية عباس بعد 25 كانون الثاني 2009. ولكن تم حل هذه المسألة في محادثات المصالحة التي ترعاها مصر ووافقت حماس على عدم التشكيك في شرعية عباس. وقد حاول البعض الآخر أيضاً نزع الشرعية عن حكومة سلام فياض، ولكن هؤلاء هم قلائل وأصواتهم غير مؤثرة.

جاءت مواعيد الانتخابات خلال فصلي الربيع والصيف بينما ُأُخبر المصريون بوضوح من قبل عباس وزملائه انه لن يكون بإمكانه تأجيل الانتخابات مرة أخرى. في المحادثات الثنائية، لم يظهر قادة حماس الحرص على احترام هذا الموعد وأصروا على تأخير المدة إلى ستة أشهر. ورداً على ذلك، أدرج المصريون طلب الإسلاميين في المحادثات أملا في أن هذا من شأنه أن يضمن اتفاق المصالحة.

لم تكن قيادة رام الله راضية عن موعد الانتخابات. وفي حين أنه ربما كان من الممكن تأجيل الانتخابات الرئاسية وجعلها تتم في نفس الوقت مع الانتخابات البرلمانية، فإنه سيصعب هذه المرة تبرير مزيد من التأخير. بما أنه يتم التشكيك أكثر فأكثر في شرعية عباس وولايته فأنه بحاجة إلى الانتخابات لكي يكون قادراً على القيادة داخليا وخارجيا.

إن الضغط الذي مارسته مصر، بالإضافة إلى ما بدا وكأنه التزام من حماس لإجراء هذه الانتخابات المشتركة في حزيران2009، هذا الضغط سمح لعباس وحركة فتح قبول الاقتراح المصري على مضض. لم يكن واضحا كيف سيتم تبرير التمديد قانونياً، ولكن اتفق على أنه إذا كان هناك اتفاق بين فصائل منظمة التحرير الفلسطينية والإسلاميين فإن هذا التأخير القصير سيكون مقبولاً علناً ثمنا للوحدة.

إن مماطلة حماس في توقيع اقتراح جسر الهوة المصري قد ترك القيادة الفلسطينية في رام الله ما عدا خيار ضئيل وهو إصدار المرسوم. ونظرا لأن التحضير لأية انتخابات يستغرق عادة ثلاثة أشهر، دعا عباس حنا ناصر، رئيس اللجنة المستقلة للانتخابات، وأوعز إليه التحضير للانتخابات التي ستجرى في موعدها الدستوري في 25 كانون الثاني 2010.

يبقى أن نرى ما إذا كانت الانتخابات ستجرى في موعدها المحدد أو إذا تمت فعلاً، ما إذا كانت ستعقد في غزة وفي الضفة الغربية على السواء. إن عدم القدرة على إجراء الانتخابات في غزة أو المقاطعة من قبل قطاعات مهمة من سكان الضفة الغربية والفصائل السياسية سوف يضر بالتأكيد بالقضية الفلسطينية حتى ولو كان يضفي شرعية على قيادة رام الله.

لا يزال قادة حركة فتح، بما فيهم عضو اللجنة المركزية السجين مروان البرغوثي، يأملون في أن الأشهر المقبلة ستشهد اختراقاً يسمح بالمشاركة الفلسطينية الكاملة في ممارسة هذا الحق الدستوري. والبعض الآخر ليس متفائلاً هكذا قائلا إن مثل هذه النتيجة من شأنها أن تجعل غزة والضفة الغربية في حالة انقسام دائم.

إن استمرار الانقسام الفلسطيني قد أدى بالتأكيد إلى موقف فلسطيني موحد للتفاوض بشأن جعل إنهاء الاحتلال صعباً. والزعماء الإسلاميون الذين هدفهم النهائي هو إقامة دولة إسلامية، ليسوا في عجلة لمجرد إنهاء احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة، وبالتالي لا توجد لديهم مشكلة للانتظار من أجل الوصول إلى هدفهم النهائي.

القادة الفلسطينيون الذين يرغبون في مواصلة مفاوضات السلام يصرون على أن غالبية الفلسطينيين تريد وضع نهاية سلمية للاحتلال في حدود 1967. من أجل تحقيق أهداف الأغلبية الفلسطينية لهذا السلام المرغوب، فإن القيادة الفلسطينية تشعر بحاجتها إلى ولاية قانونية لمواصلة محادثات السلام.

وبناء على ما تقدم، فإن الانتخابات هي إلزامية إذا كان بالإمكان تحويل رغبات غالبية الفلسطينيين إلى سياسة يمكن تنفيذها.
30/10/2009

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .