يونيو 13 2009

أوباما وعباس: يبدأ الأمر مع المستوطنات

خدمة Common Ground الإخباريّة – الشرق الأوسط

أوباما وعباس: يبدأ الأمر مع المستوطنات

بقلـم داود كتّاب
08 يونيو/حزيران 2009

عمان – من الواضح أن النتيجة الرئيسية التي تمخض عنها لقاء أوباما وعباس الأسبوع الماضي هي أن الولايات المتحدة مستمرة في كونها جادة إلى أبعد الحدود حول متطلبها تجميد إسرائيل الفوري لنشاطاتها الاستيطانية. وقد يناقش البعض، إذا أخذنا بالاعتبار جميع المواضيع الساخنة، أن قضايا مثل الانسحاب والقدس وحق العودة للفلسطينيين، يجب أن تكون أكثر أهمية بكثير. لماذا أصبح متطلب تجميد الاستيطان إذن القضية المحورية؟

استغرب الفلسطينيون في الأراضي المحتلة قبل ستة عشر عاماً عندما سمعوا أن منظمة التحرير الفلسطينية توصلت إلى صفقة سرية مع إسرائيل في العاصمة النرويجية أوسلو. سأل في ذلك الوقت الراحل حيدر عبد الشافي، الذي ترأس الوفد الفلسطيني إلى مؤتمر مدريد للسلام، سأل أحمد قريع (أبو علاء) يومها إذا كانت الاتفاقية تضم تجميد الاستيطان. عندما علم أنها لا تفعل ذلك، عارضها هو وعدد من الفلسطينيين بشكل علني.

منذ ذلك التاريخ، أصبح متطلب قيام إسرائيل بتجميد المستوطنات جميعها، بما فيها تلك المتعلقة بالنمو الطبيعي، الاختبار حول ما إذا كان الإسرائيليون جادين فيما يتعلق بالسلام. تُعتبر المستوطنات اليهودية التي بنيت على أراضٍ احتلتها إسرائيل عام 1967 غير قانونية من قبل المجتمع الدولي، وانتهاكاً صارخاً لمعاهدة جنيف الرابعة التي تهدف إلى تنظيم أعمال الاحتلال المطوّل. مؤخراً، وفي العام 2004، أصدرت محكمة العدل الدولية في لاهاي حكماً بأن المستوطنات غير قانونية، وذلك عندما بحثت في استئناف ضد إسرائيل لبنائها جداراً داخل الأراضي الفلسطينية.

كذلك رفضت إدارات أمريكية متعاقبة وبشكل متكرر نشاطات الاستيطان، ولكنها تحولت من وصفها بأنها “غير قانونية” أثناء إدارة الرئيس كارتر إلى وصفها بأنها “عقبة أمام السلام” الآن. كذلك توصل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى قرار ضد الاستيطان في مناسبات عديدة، بشكل مباشر، أو كمقدمة لقرارات عديدة متنوعة.

قام الإسرائيليون ببناء المستوطنات منذ عقود عديدة على أراض فلسطينية تمت مصادرتها، بينما قاموا طوال الوقت بالتلاعب مع المجتمع الدولي، من خلال النقاش بأن لليهود الحق في البناء في أي مكان يرغبون بالبناء فيه (وهو حق يحرمون الفلسطينيين منه في أجزاء من الضفة الغربية والقدس وإسرائيل ما قبل عام 1967)ØŒ والادعاء الذي ظهر مؤخراً فيما يتعلق بلقاء أوباما-نتنياهو بأن المستوطنات اليهودية في الأراضي الفلسطينية لها الحق في “النمو الطبيعي”.

ترفض اتفاقية خريطة الطريق التي وقعتها إسرائيل ووافق عليها الكنيست وبشكل واضح النشاط الاستيطاني، بما فيه “النمو الطبيعي”. حتى أفيغدور ليبرمان، وزير خارجية إسرائيل اليميني، صرّح في أول يوم له في مهمته الجديدة أن إسرائيل تقبل خريطة الطريق، رغم أنه أكد في الوقت نفسه رفضه لحل الدولتين كما تحدده اتفاقية أنابوليس.

لقد دعمت إدارة الرئيس بوش، إضافة إلى فريق إدارة الرئيس أوباما علناً عملية إيجاد دولة فلسطينية قادرة على البقاء متصلة الأجزاء، واصفة إياها بأنها “مصلحة وطنية” للولايات المتحدة. ويتبع ذلك أن الاستيطان اليهودي في مناطق مخصصة للدولة الفلسطينية، والذي يعمل بوضوح على إفشال احتمالات حل الدولتين، يعارض المصالح الوطنية للولايات المتحدة. وهكذا، فإنها ليست بمفاجأة أن يشعر الفلسطينيون بالسعادة لأن واشنطن أصبحت جادة أخيراً حول هذه الناحية الحاسمة من النزاع على الأقل. إذا استمرت الإدارة الحالية في الاتجاه نفسه، فقد يكون العديد من الفلسطينيين الذين يرغبون برؤية نهاية الاحتلال على استعداد للانتظار للنتيجة المنطقية للمفاوضات، إذا أخذت بعض الوقت.

بغض النظر عما إذا كانت المفاوضات سريعة أو مطولة، فإن الناحية المحددة التي تزعج الفلسطينيين هي كيف ستشكّل “الحقائق على الأرض” الصورة النهائية.

كافح الرئيس محمود عباس وبنشاط ضد أية محاولات لحل النزاع الفلسطيني مع إسرائيل بأسلوب عنفي. ولكن إذا لم توقِف التوجهات الدبلوماسية النمو الاستيطاني فسوف يواجه عباس ورطة حقيقية.

وصف مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في حزيران/يونيو عام 1967ØŒ بعد أن قام الجيش الإسرائيلي باحتلال الأراضي الفلسطينية، في مقدمة قراره رقم 242ØŒ وصف هذا الاحتلال بأنه “غير مقبول”. واليوم، وبعد مرور 42 عاماً، وبعد بناء مئات المستوطنات غير الشرعية على الأراضي الفلسطينية المحتلة، أصبحت قضية تجميد البناء في المستوطنات قضية محورية للسلام في المنطقة.

وفي الوقت الذي تتطلب فيه المفاوضات تنازلات من كافة الأطراف، كان انعدام الثقة والالتزامات غير المحققة هي المعوقات الرئيسية أمام السلام في المنطقة. يحتاج الفلسطينيون أن يتعاملوا مع مصادر القلق الأمنية لإسرائيل، ويحتاج الإسرائيليون أن يفهموا تطلعات الفلسطينيين إلى الحرية وبناء الدولة. توفر نشاطات الاستيطان تذكيراً أساسياً للفلسطينيين بأن المجتمع الدولي غير قادر على فرض هذا المتطلب المسبق البسيط ولكن الحاسم للسلام. فرض مصممو خريطة الطريق التزامات على كلا الطرفين، وسوف يذهب تحقيق هذه الالتزامات بعيداً باتجاه إيجاد البنية المناسبة للمحادثات، التي يمكنها أن تؤدي إلى السلام والأمن للإسرائيليين والاستقلال للفلسطينيين.

 

* داود كتّاب صحفي فلسطيني وأستاذ سابق بمنصب فيريس للصحافة بجامعة برنستون، بريده الإلكتروني info@daoudkuttab.com. كُتب هذا المقال لخدمة Common Ground الإخبارية.

مصدر المقال: خدمة Common Ground الإخبارية، 8 حزيران/يونيو 2009
www.commongroundnews.org

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .