سبتمبر 03 2007

الاذاعات المحلية والحاجة لإستراتجية تتلاءم مع الرؤية الملكية للإعلام

نشرت بواسطة الساعة 5:13 ص تحت فئة اﻷردن -

بقلم: داود كتاب*

خلق ترخيص الإذاعات الخاصة في الأردن منذ 2004 تنوعاً واسعاً من خلال المحطات ذات التوجهات المختلفة. فهناك الإذاعات الموسيقية والإخبارية والمجتمعية والناطقة بالانجليزية.

ورغم أن الأثير كان دائما مفتوحاً للجهات الحكومية وشبه الحكومية إلا أن موضة الإذاعات انتقلت لمؤسسات رسمية مثل الجيش والأمن العام وحسب الشائعات هناك إمكانية لإقامة إذاعة تابعة لأمانة عمان الكبرى.
وفي خضم هذه الفوضى الطبيعية في مثل هذه الأوضاع لا بد من الاستفادة من تجارب دول أخرى لها باع طويل في مجال الإذاعات المستقلة.

وللتوضيح، لا بد من التعامل مع الاتجاهات الثلاثة التي أصبحت الأساس في خارطة الأثير في الإعلام في أي بلد يفتح باب ترخيص المحطات الإذاعية للقطاع الخاص.
فهناك إعلام عام يتم رعايته من قبل جهات رسمية إما من خلال رسوم يتم تحويلها لصندوق تحت إدارة مستقلة، كما هو الحال في بريطانيا مع هيئة الإذاعة البريطانية، أو من خلال الحكومة المركزية. يتم الإشراف على الميزانيات في بعض الدول من خلال السلطة التشريعية وفي دول أخرى أقل تطوراً يتم التمويل والإشراف من خلال ميزانية الدولة ويتم تعيين الإدارة من خلال الجهاز التنفيذي. تواجه هذه الأخيرة مشكلة في المصداقية حيث أنها في آخر المطاف لا يمكن أن تسمح بنشر أخبار أو تعليقات تضر بمصلحتها وتنتقدها وبذلك تمثل الحكومة التي تعين الإدارة وليس الجمهور.

طبعاً لا يعني ذلك عدم وجود حاجة لوسائل إعلام توفر معلومات عامة، إذ هناك حاجة لخدمة التنمية والتوعية القومية للإذاعات والتلفزيونات ذات خدمة عامة. كما وتقوم البرلمانات في العديد من الدول ببث جلساتها بصورة مباشرة بهدف إعلام المواطنين ما يجري تحت قبة مجلس الشعب. وتوفر وزارات النقل في العديد من الدول إذاعات تقدم معلومات حول أحوال الطرق أو مواعيد إقلاع وهبوط الطائرات أو إرشادات حول الطقس وحالة الشوارع أو طرق بديلة على السائقين سلوكها. ولكن هذه الإذاعات غالباً ما تكون ذات اتجاه واحد أي من المرسل إلى المتلقي ولا تكون تفاعلية وليس لها شعبية واسعة لكنها ضرورية.

أما النوع الثاني من الإذاعات وهو الأكثر انتشاراً في العالم فهو الإذاعات التجارية والتي يغلب عليها الطابع الترفيهي وخاصة الموسيقي. إلا انه يشمل أيضاً نشرات أخبار غالباً ما تكون موجزة وذات إيقاع سريع. يتم تمويل هذه المحطات من دخل الرعاية والإعلان التجاري.
وأخيراً، هناك الإذاعات الأهلية ذات طابع محلي تسمى الإذاعات المجتمعية وهي إذاعات ذات طابع محلي تدار من قبل لجان أو مجالس محلية وتعتمد على عاملي التطوع ومبدأ عدم الربح. تحصل هذه الإذاعات على مصداقيتها من كونها غير حكومية وغير ربحية تدعمها هيئات عامة محلية وإقليمية ودولية. وقد زاد اهتمام الشركات والمؤسسات العامة المحلية والإقليمية بهذا النوع من الإذاعات بسبب طابعها المجتمعي وقدرتها على توفير وسيلة ناجعة للمساهمة في معالجة قضايا هامة مثل البطالة والفقر بالإضافة لمساهمتها في رفع سقف الحريات من خلال توفير وسيلة تواصل مستقلة بين المواطن والجهات الرسمية.

لقد أدركت حكومة “معروف البخيت” أهمية الإذاعات المجتمعية حيث قام دولة رئيس الوزراء برعاية المؤتمر العالمي للإذاعات المجتمعية (أمارك) أواخر العام الماضي والذي شارك فيه إعلاميون من 93 دولة.
مما لا شك فيه أن محدودية الإعلام الرسمي كما هو مطبق في الأردن قد أصبح واضحاً وهناك حاجة للعمل بطرق جديدة والبحث عن وسائل أكثر نجاحا ونجاعة.

في مثل هذا الوضع ما هو المطلوب من الجهات الرسمية والأهلية؟

أولاً، لا بد من العمل على تغيير بنية الإعلام الرسمي بحيث يتم إدارته من مجالس مستقلة يشارك في اختيارها ممثلو الشعب، دافعو رسوم التلفزيون التي تخصم من فاتورة الكهرباء.

ثانياً، ضروري وجود تفهم متطور لدور القطاع العام والأهلي والخاص في موضوع التنمية. وضروري أيضاً أن يتم تعديل التشريعات الإعلامية بحيث يتم تشجيع الإذاعات الخاصة أن تلعب دوراً أكبر في مجتمعاتها. ويمكن تحقيق ذلك من خلال تخفيف رسوم التسجيل للمحطات غير الربحية واشتراط كل مرخص راديو تجاري تخصيص نسبة محددة من برامجه لخدمة المجتمع. كما ويمكن أن تشجع الحكومة القطاعين العام والخاص من خلال رعاية برامج تبث على الإذاعات الخاصة.

فبدل أن تقوم مثلاً أمانة عمان الكبرى بفتح إذاعة خاصة بها من الممكن أن ترعى برامج على الإذاعات الموجودة مما يوفر جمهوراً أوسع بتكلفة أقل. أما إذا لم توافق هذه الإذاعات المشاركة في مثل برامج التوعية هذه تكون الأمانة مضطرة للعمل على خلق إذاعة خاصة بها.
القطاع الخاص أيضاً مطالب بزيادة دوره في دعم الإذاعات ضمن برنامج المسؤولية المجتمعية والتي زاد الوعي لأهميتها مؤخراً في الأردن.
لقد خطت الحكومات الأردنية المتعاقبة – وتمشياً مع الرؤية الملكية للإعلام – خطوات هامة في مجال خصخصة الإعلام وتنوعه، ولكن هذه الخطوات بحاجة إلى متابعة وتطوير ضمن إستراتيجية وطنية تهدف إلى رفع شأن الوطن والمواطن.

* أستاذ الإعلام الجديد في العالم العربي في جامعة “برنستون” الأمريكية. مؤسس إذاعة “عمان نت” المجتمعية.

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .