مارس 20 2001

كنصيحة لشارون

نشرت بواسطة الساعة 12:00 ص تحت فئة السياسة الفلسطينية -

جاء الإعلان عن تشكيل حكومة إسرائيلية جديدة بزعامة شارون، ليركز الأضواء مجددا حول أفضل السبل الممكنة للوصول إلى تسوية دائمة بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وسترتكب الحكومة الإسرائيلية الجديدة خطأ كبيرا إذا لجأت كالحكومة السابقة، إلى اعتماد القوة وسيلة لحل المشاكل العالقة. لأن الاستمرار في نهج سياسة القمع ضد الشعب الفلسطيني لن يؤدي إلا لاستمرار عملية إراقة الدماء بين الطرفين ولفترة زمنية أطول.

وستصبح حياة الحكومة الإسرائيلية الجديدة وكذلك حياة الإسرائيليين أفضل وأسهل إذا عرفت الحكومة الجديدة التمييز بين سياسة القمع ضد الفلسطينيين وبين سياسة إعادة فتح الخطوط لمفاوضات جديدة وناجعة. وقد أثبتت التجربة فشل السياسة الإسرائيلية بإبقاء الشعب الفلسطيني رهينة لديها ، لأن ذلك سيؤدي إلى إضعاف موقف القيادة الفلسطينية. وعلى الحكومة الجديدة بزعامة شارون اعتماد سياسة جديدة تأخذ بعين الاعتبار الطموحات المشروعة للشعب الفلسطيني.

إن رغبة الفلسطينيون بالعيش بحرية في دولة مستقلة ذات سيادة أمر غير قابل للتفاوض. وأية محاولات إسرائيلية لإضعاف أو الانتقاص من سيادة الدولة الفلسطينية العتيدة، لن تعطي نتائج إيجابية للإسرائيليين لا في المدى القصير ولا على المدى الطويل، بل ستولد المزيد من الاضطرابات وإراقة الدماء. وقد أثبتت تجارب التاريخ أنه لا يمكن الاستمرار في اضطهاد شعب أخر بواسطة القوة وإلى الأبد. وسيأتي وقت يثور فيه هذا الشعب المضطهد. وقد ثار الشعب الفلسطيني مرتين خلال الثلاثة عشر عاما الماضية. وأية محاولة إسرائيلية لتأجيل الاستقلال الفلسطيني يعني فقط إمكانية استمرار الانفجارات الفلسطينية مرة تلو الأخرى.

وقد أثبتت الحقائق ميدانيا لكل إسرائيلي، أن استمرار الاحتلال للأراضي الفلسطينية وسياسة الحصار الاقتصادي ومنع الفلسطينيين من السفر سيولد المزيد من عدم الاستقرار وفقدان الأمن للإسرائيليين أنفسهم.

وبالضرورة يجب إزالة كل المستوطنات الإسرائيلية في قطاع غزة والضفة الغربية. ولا توجد أية طريقة في الدولة الفلسطينية المستقلة تسمح بتعايش تجمعات إسرائيلية في مستوطنات مقامة على الأراضي الفلسطينية وضد رغبة الشعب الفلسطيني. ولم يعد مفهوما ولا مقبولا من الإسرائيليين استمرار المماطلة بإزالة هذه المستوطنات. لذا لماذا لا توضع هذه المستوطنات تحت إشراف دولي لحين الوصول إلى اتفاق نهائي أو حل دائم للقضية الفلسطينية. وهذه هي الطريقة الوحيدة التي تمنع من تحول المستوطنين اليهود إلى مطلقي نيران دائمين ضد الشعب الفلسطيني وتضع حدا للهجمات المتبادلة بين الطرفين.

إن استمرار سياسة العقوبات الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، لا يعني فقط استمرار خرق إسرائيل لاتفاقية جنيف الرابعة بل لن تؤدي مثل هذه السياسة إلى تحقيق أي شيء إيجابي وملموس لإسرائيل، كما لن تجلب الأمن لشعبها، ناهيك عن إلحاقها الضرر بسياسة التفاوض على المسار الفلسطيني.

لقد بات واضحا أن استمرار العمليات الانتحارية وتصاعدها في الفترة الأخيرة، هو نتيجة مباشرة لسياسة الإغلاق الإسرائيلية. إن مستوى الغضب والضيق وفقدان الأمل قد ارتفع كثيرا في إطار الشعب الفلسطيني ، واستمرار إسرائيل بفرض مزيدا من العقوبات الجماعية يعني إعطاء البرهان والدليل على أن القيادة الفلسطينية كانت على خطأ في تفاوضها مع إسرائيل.

كما أدى تقسيم قطاع غزة إلى أربعة أجزاء، وإغلاق المدن الفلسطينية وتقطيع أوصال الضفة الغربية وعزل المدن عن القرى والمخيمات وإغلاق مطار غزة والجسور مع الأردن كانت بمثابة صب الزيت على نيران الغضب الفلسطيني. وإذا فقد الشعب الفلسطيني الأمل في الوصول إلى تسوية عادلة فإن هذا يعني استمرار حالة الغليان الشعبي والذي سينفجر دفعة واحدة في وجه إسرائيل.

وعلى الرغم من تراجع حدة المواجهات الفلسطينية مع قوات الاحتلال بمناسبة عيد الأضحى المبارك (وهو عيد التضحية) ومن أكثر المناسبات قداسة عند المسلمين، وشكل فرصة لالتقاط الأنفاس الفلسطينية، إلا أن إسرائيل لم توقف سياستها القمعية ولم تخفف من سياسة الإغلاق البائسة طيلة الأربعة اشهر الأخيرة.

كما استمرت إسرائيل في منع الفلسطينيين من السفر إلى الخارج، بالرغم من عدم تأثير ذلك على الأمن الإسرائيلي. ولا يستطيع كائنا من كان أن يتفهم دوافع سياسة العقوبات الجماعية والموجهة لكل الشعب الفلسطيني بغض النظر عن القناعات السياسية لهذه الفئة أو تلك.

وإذا كانت حكومة شارون جادة في التوجه أو التحرك لإنجاز عملية سلام دائم مع الفلسطينيين، فإن عليها أن تفهم طموحات الشعب الفلسطيني وأمله في بناء دولة مستقلة ذات سيادة يستطيع العيش فيها بحرية تامة، وتضع حدا لسياسة الاستيطان الاستعمارية وإنهاء سياسة العقوبات الجماعية والإغلاقات. وهذه خطوات نراها ضرورية وهامة للوصول إلى حل نهائي ودائم يضع حدا للاحتلال . الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .