أغسطس 17 2002

رداً على رمسفيلد الإحتلال والمستوطنات اساس العنف

لاشيء يسبب دوام العنف الفلسطيني- الإسرائيلي الحالي أكثر من وجود وتزايد المستوطنات الإسرائيلية غير الشرعية في الأراضي الفلسطينية المحتلة .

ففي حزيران عام 1967 احتلت إسرائيل الضفة الغربية وقطاع غزة ( بالإضافة للجولان وسيناء) وقالت آنذاك أنها سوف تعيد هذه المناطق مقابل السلام . هذا الزعم الإسرائيلي قد تبرهن الآن على أنه حجه ملفقة لخدمة مصالحها. وقد كان الفلسطينيون والعرب [ أنظر مؤتمر القمه العربي الأخير ] دائما وباستمرار يطرحون السلام مقابل الأرض , لكن إسرائيل ترفض التخلي عن الأراضي الفلسطينية.

فإن كانت إسرائيل تنوي حقيقةً التخلي عن الأرض مقابل السلام , فقد يتساءل المرء , لماذا تبني إسرائيل مستوطنات يهودية بهذا المقدار على أراضٍ سوف تعيدها ؟

فكل حكومة إسرائيلية ومنذ عام 1967 خططت , وبنت وقدمت العون المالي والحماية للمستوطنات والمستوطنين اليهود في الأراضي المحتلة . فقد نفت اتفاقية جنيف الرابعة التي تخص حالات الاحتلال الطويل , بوضوح على أنه لا يسمح لقوات الاحتلال مصادرة الأراضي ØŒ أو جلب مواطنيها للسكن في المنطقة, ومنذ ذلك التاريخ ØŒ فقد صدر الكثيرمن قرارات الهيئة العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن تعارض بناء المستوطنات الإسرائيلية , وقد تراوحت السياسة الأمريكية الرسمية بين وصف المستوطنات أنها ” غير شرعية ” إلى وصفها ” عقبه في طريق السلام ” . والولايات المتحدة حليفة إسرائيل الأولى فرضت مراراً على إسرائيل التراجع عن سياساتها الاستيطانية دون أي تقدم يذكر . وقد طالب مسئول أمريكي إسرائيل

” وقف الاستيطان , أو تعليقه , وتجميده ØŒ أوإنهاء تقديم الدعم المادي للمستوطنين” لكن اسرائيل استمرت في بناء المستوطنات بدون توقف.

فعندما بدأت عملية السلام في أوسلو , توقع البعض من الفلسطينيين المستقلين أمثال حيدر عبد الشافي أن هذه العملية سوف تفشل لافتقادها التزام الإسرائيلي بتعليق بناء المستوطنات خلال فترة الخمس سنوات الانتقالية . وأتذكر أنني شاركت مع صحفيين فلسطينيين آخرين في عام 1994 , في لقاء صحفي مع وزير الخارجية الإسرائيلي شمعون بيريز . فعندما احتج أحد الصحفيين على مواصلة حكومة رابين النشاط الاستيطاني , حاول بيريز استنكار ذلك , وعندما ووجه بالإحصائيات عن الأراضي الفلسطينية التي صودرت لبناء المستوطنات والطرق الالتفافية وضع الموضوع جانبا قائلا عليكم أن لا تركزوا على هذا الموضوع, ووعظ علينا وقائلاً : كل هذا سيصبح بدون قيمة عندما يكون هناك حل دائم يشمل قيام كيان فلسطيني مستقل في الضفة الغربية وقطاع غزة .

مرت الآن ثمان سنوات وهذا الكيان الفلسطيني المستقل لم يتحقق , ونجد العديد من المدن الفلسطينية التي سبق وأخليت من القوات الإسرائيلية والتي يقطنها حوالي 2 مليون فلسطيني هي الآن تُحتل بوحشية ، ويوضع سكانها في اعتقال دائم داخل منازلهم. فنابلس مثلاً أكبر المدن الفلسطينية ترزح تحت حظر تجول مستمر على مدار 24 ساعة منذ أكثر من 54 يوما.

من المؤكد أن إسرائيل قد تدفع ثمناً غالياً بسبب سياستها الاستعمارية وسياسة الاغتيال والعقوبات الجماعية . والكثير في إسرائيل لا يريدون شيئا أقل من انسحاب الجيش من الأراضي الفلسطينية. ولكن هناك مشكلة صغيرة , فالمستوطنات اليهودية تملأ الأراضي الفلسطينية بدءاً من المستوطنات الصغيرة الموجودة على قمم التلال إلى المستوطنات العامرة كالمدن . فقد خلفت أكثر من200 مستوطنه يهودية خلقت كابوسا أمنياً لدى الجيش الإسرائيلي . والشعب الإسرائيلي يدفع الثمن غالياً بسبب سياسة حكومته لبناء وحماية هذه المستعمرات غير الشرعية .

هذه المستوطنات اليهودية البحتة لا تحوّل إسرائيل إلى دولة احتلال عسكرية فحسب بل إلى دولة تمييز عنصري أيضاً. فاليهود الذين يسكنون الضفة الغربية وقطاع غزة يتلقون المعونة المالية للإسكان , مياه وافرة وبأسعار مخفضة بالإضافة إلى حرية السفر , دون حظر تجول ودون تدمير منازل لأقارب المستوطنين الذين حتى ولو قاموا بمذابح كما في مذبحة الخليل –باروخ جولد شتاينر – الذي قتل 29 مصلياً مسلماً , أو المستوطن الذي قتل الفتاة الفلسطينية الشابة الأسبوع الماضي. سيارات المستوطنين تحمل لوحات ترخيص تختلف عن لوحات الفلسطينيين , لا يقفون على نقط تفتيش , يصوتون في الكنيست ويحصلون على حماية من الجيش على مدار 24 ساعة في طرق الضفة الغربية وغزة التي أعدت لاستخدام المستوطنين اليهود. بينما منع سكان شمال الضفة الغربية الفلسطينيون من السير على الطرقات هذا الأسبوع . كما و تم نسف 44 منزلا فلسطينيا كعقوبة لأن أحد أفراد عائلاتهم شارك في هجمات ضد الإسرائيليين .

وإدارة بوش من ناحيتها تقول انها تدعم إقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وغزة إلى جانب دولة إسرائيل خلال 3 سنوات . فبعض الأعضاء من هذه الإدارة يرون أن هذا الهدف الذي يؤيده معظم سكان فلسطين وإسرائيل ويؤيده المجتمع الدولي أيضا لا يمكن أن يتحقق إذا لم يتم وقف العمل في المستوطنات غير الشرعية . لقد أعطي الإسرائيليون الحرية لخرق وانتهاك القانون الدولي ومنحت جرا فاتهم المحمية من قبل الجيش وضعاً خاصاً لاستمرار سرقة الأراضي الفلسطينية لبناء بيوت لليهود في الأراضي المحتلة.

إن قرار السلام لهذا الصراع لن يتحقق بينما يسرق أحد أطراف الصراع أراضي الآخر فالمستوطنات تعتبرعقبة واضحة أمام هذا الحلم, ومن الغباء عدم إدراك وقبول هذه الحقيقة .

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .