يوليو 06 2003

مركز ابن خلدون وضرورة دعم المجتمع المدني

نشرت بواسطة الساعة 12:00 ص تحت فئة مقالاتي,اﻹعلام الناشط -

أقيمت الإثنين الماضي احتفالات إعادة فتح مركز ابن خلدون لدراسات التنمية قي القاهرة ، حيث شاركت بندوة حول دور مؤسسات المجتمع المدني في عالمنا العربي وحضر الإفتتاح مجموعه من الإعلاميين ونشطاء حقوق الإنسان المصريين والعرب إضافة الى سفراء العديد من الدول الأجنبية أهمهم سفراء الإتحاد الأوروبي ، الولايات المتحدة ، اليونان كندا واليابان .

إعادة افتتاح مركز ابن خلدون لم يكن حدثاً عادياً . فالمعروف أن المركز كان قد أغلق قبل ثلاثة أعوام تقريباً منذ اعتقال مؤسسه الدكتور سعد الدين ابراهيم وعدد من الباحثين في المركز بتهمة تلقي مساعدات خارجية دون الحصول على ترخيص من الحكومه المصرية.

واستمرت رحلة العذاب إلى أن تمت تبرئة د. ابراهيم من قبل أعلى سلطة قضائية في مصر من جميع التهم الموجهه له ، وتم السماح للمركز بإعادة ممارسة نشاطاته . ورغم أن المطالبة بإطلاق سراح د. ابراهيم كانت أحدى أهم مطالب الحكومه الأمريكية المتكررة للسلطة في مصر مستخدمه أسلوب الترغيب والترهيب حيث كانت أخر المحاولات التهديد بوقف المساعدات الأمريكية لمصر ، الا أن القانونيين والعاملين في مجال حقوق الإنسان الذين التقيتهم في مصر أكدوا أن قرار القضاء المصري كان مبنياً على أسس قانونية بحته بعيداً عن الضغوطات السياسيه ، وليؤكد غياب المسؤولين المصريين في حفل إعادة افتتاح المركز هذا الكلام . وقد كان قرار المحكمه المصرية غاية بالبساطه متبعة بحلها للقضية مبدأ السهل الممتنع حيث اعتبرت المحكمه أن موضوع منحة الإتحاد الأوروبي لمركز ابن خلدون لقيام بدراسة حول الإنتخابات هو بمثابة عقد بين طرفين يقوم أحدها بتنفيذ عمل ما مقابل مبلغ محدد من المال .

جاء القرار القضائي ليعطي فسحة أمل للعاملين في مجال حقوق الإنسان خاصه والمجتمع المدني في مصر والعالم العربي عامه وليتنفسوا الصعداء خصوصاً وأن القرار القضائي جاء ليوقف الحملات المسعورة للتخويف والتخوين و تصنيف في خانة السلوكات السلبية عمل المؤسسات الأهلية .

وكما قال د. ابراهيم في كلمته عند افتتاح المركز فإن الحكومه المصرية بحاجه الى مؤسسات المجتمع المدني، والأمر ليس مقتصراً على مصر فالحكومات العربية الأخرى بحاجه أيضاً الى مؤسسات المجتمع المدني لمساعدتها في الوصول الى بر الأمان السياسي والإجتماعي والإقتصادي فإرادة الدولة تتطلب التواصل الحيوي والفعال بين الحكومه والمعارضة والمؤسسات الرسمية والأهلية وكذلك بين الحكومة والصحافة ، فهذه متطلبات حيوية للخروج بما هو أفضل للشعب . فل يجوز لأحد أن يدعي احتكار الحقيقة ولا إدعاء معرفة أكثر من الأخرين بما هو المطلوب لرفاهية المجتمع ولتحقيق الحرية والأمن والعدالة الإجتماعية .

ويبقى السؤال الذي لا بد منه هو كيف يمكن لنا في العالم العربي وفي مؤسسات المجتمع المدني أن نتقدم الى الأمام وما هي الدروس التي يجب الإستفادة منها بعد تجربة د. سعد الدين ابراهيم . ورغم الضغوطات الحكومية الكبيرة لمنع تطوير وعمل مؤسسات المجتمع المدني الا أن المشكله الأكبر هي علاقة هذه المؤسسات بعضها ببعض . وعلاقة المجتمع المدني بأكمله بالمثقفين العرب ودور الإعلام والكتاب المستقلين في هذا المجال . فكيف يمكن أن نحلم بأن تلعب مؤسسات المجتمع المدني دوراً في كبح جماح الحكومات الطاغية دون أن تتوحد الكلمه والهدف ويتوقف النزيف الداخلي في هذه المؤسسات الأهلية .

ما هو دور المثقف العربي ، هل سيستمر في التردد ما بين متعاطف خجول ومتفرج حيادي ؟ وإلى متى سيبقى القياديون يتعاملون مع الإنتقادات بصورة شخصية بدل التعامل مع المواقف والمواضيع والرؤى السياسيه والفكرية ؟

أما بالنسبة للتمويل الأجنبي فهذا موضوع آخر تم التداول به كثيراً دون الخروج بأية نتيجة . فالحكومات العربية دون استثناء تأخذ تمويلات أجنبية دون خجل ودون أن نسقط في دائرة تخوينها ولكن مؤسسات المجتمع المدني تهاجم عند تلقي التمويل الأجنبي مع العلم أن رجال الأعمال المحليين لا يقدمون أي دعم يذكر في دعم لمؤسسات وطنهم الأهلية وخاصه تلك المتعلقة بحقوق الإنسان والديمقراطية . لا شك أن هناك ضرورة عمل ما على هذا الإشكال فالكل يعترف أنه من الضروري وجود أليه للرقابة ، ولكن اسؤال هو كيف ولمن وعلى أية أولويات يتم صرف المنح ولكن أحداً ما لم يخرج باقتراح عملي . فالحكومات لا تصلح لمراقبة عمل المنظمات غير الحكومية والتي تهدف بدورها لمراقبة الحكومات . و وزارات التخطيط تعمل باجندات تتخذها السلطات التنفيذية لا مجالس الشعب أو جهات مستقله .

قد يكون الحل هو إنشاء لجنة طوعية مشكلة من ثلاثة أطراف ، وزارة التخطيط ، الجهات المموله والجهات المتلقية للتمويل . فمثل هذه اللجان الثلاثية قد تضمن تواصلاً بناءً حول أولويات الدعم وحول اليات الرقابة وأسس توزيع المنح .

إن موضوع نجاح ونجاعة مؤسسات المجتمع المدني يجب أن لا تتأثر بمزاجية مسؤول حكومي أو انتقاد مثقف أوصحفي يبني انتقاده على أسس شخصية . فالجميع متفق على أهمية دور مؤسسات المجتمع المدني وضرورة رعايتها ودعمها وقد حان الوقت للعمل بدلاً من الإنتقاد.

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .