ديسمبر 20 2003

عناية السيد رجا طلب الأكرم … مجالس الإعلام في العالم العربي: ما لها وما عليها

نشرت بواسطة الساعة 12:00 ص تحت فئة مقالاتي,اﻹعلام الناشط -

يبدو أن ظاهرة الغاء وزارة الإعلام في العالم العربي أصبحت موضة الموسم . فبعد البحرين وقطر والأردن جاء دور السلطة الفلسطينية لإلغاء هذه الوزارة الموجودة أصلاً فقط في عالمنا العربي كما كان في الدول الشيوعية.

وفي تعامل الحكام العرب لهذه الموضة الجدية جاءت موضة اخرى وهي تشكيل مجالس عليا للإعلام وهذه المجالس جاءت غير مفهومه للكثيرين بما في ذلك هؤلاء الذين تم اختيارهم للعضوية فيها. فهناك من بعتقد أن هذه المجالس العليا للإعلام هي تغيير في الإسم لوزارة الإعلام كما قالت لي وزيرة الإعلام الأردنية السابقة ليلى شرف والتي رفضت المشاركه في مجلس الإعلام الأعلى في الأردن : يريدون استبدال وزير الإعلام بـ 11 وزير إعلام تحت مسمى جديد .

قد يعتقد البعض أن هذه المقدمة السلبية ليست عادلة, فهناك محاولات حثيثه لرفع سقف الحريات في تلك الدول وإجراء تعديلات جذرية في حزمة القوانين الإعلامية التي تحدد عمل الإعلام في العالم العربي .

لا شك أن هناك ضرورات حقيقة لإجراء تعديلات على وضع الإعلام في العالم العربي وكما هو معروف فإن أفضل قانون إعلام هو عدم وجود أي قانون للإعلام حيث أن الإعلام يجب أن تكون له فرصة العمل الحر كما هو الحال بالنسبة الى أي أمر تجاري أو مهني أخر . وعلى أي حال ورغم أن مشكلة الإعلام في العالم العربي مرتبطة بأمور أخرى الا أن هناك عدة أمور يمكن العمل عليها في هذا المضمار .

بادئ ذي بدئ اذا كانت هناك نية صادقة لتحسين الوضع الاعلامي العربي فيجب ان يتم العمل على الغاء كل ما يسمى بالإعلام الرسمي من إذاعات ومحطات تلفزة ووكالات أنباء فوزارت الاعلام ليست عمارة في العاصمة بل هي بالاسايس مجموعة ممتلكات اعلامية محتكرة للدولة. فالدول التي تريد أن يكون إعلامها حر لا يمكن أن تستمر في السيطرة على وسائل الإعلام الجماهيرية . طبعاً يتكلم البعض عن تغيير الاعلام الرسمي الى إعلام دولة بدل من إعلام حكومه. ولكنني أشك بنجاح مثل هذا التغيير حيث قد يصعب فهم هذا الفرق و الاهم صعوبة تطبيق مثل هذه الفكرة على أرض الواقع .

واذا تجاوزنا مشكلة ملكية الإعلام والتي للاسف تشمل الصحف أيضاً ولو تحت مسميات مختلفة, فإنه علينا العمل على الخوض في موضوع الوصول الى المعلومات. فهناك ضرورة حقيقة في عالمنا العربي أن يتم ضمان حق المواطن الوصول الى المعلومه الرسمية . وهذا بالطبع ينطبق على الإعلاميين الذين يمثلوا المواطن ويوفروا له نقل مضمون المعلومه وتحليلها . وهذا الضمان بحق المواطن الوصول الى المعلومة يجب أن يتم ترشيده من خلال قانون يفرض على الوزراء ومدراء الدوائر والهيئات فتح ملفاتها لكل من يسعى للحصول على المعلومه والوئيقة والإحصائية .

ففي معظم الدول الديمقراطية يمكن للصحفي و حتى المواطن الحصول على اي وثيقة رسمية بما في ذلك ملفه لدى أجهزة المخابرات. طبعاً سوى الامور المصنفة رسميا بانها أسرار دولة (وحتى هذه الاسرار يرفع المنع عنها بعد مرور مدة معينة من الزمن أو بطلان الخطورة). ولكن في عالمنا العربي فأحياناً لا يستطيع الصحفي معرفة نسبة البطاله أو نتائج الإحصاءات الرسمية ولا يمكن ان يعرف المواطن عن ملفة الشخصي الا عندما يطلب شهادة حسن سير وسلوك أو عند وصوله الى نقطة حدود.

أما الأمر الأخر الذي يحتاج الى معالجه عميقة فهو الوضع المهني للصحفيين. قد يكون جزء من مشكله الصحفيين ذاتيه. أي أن سنوات القمع الماضية خلقت لدى الصحفيين العرب نسبة عالية من الرقابة الذاتية التي ستحتاج الى سنوات لكي يتم اتغلب عليها . ولكن هناك جزء من العلاج قانونيا ونقابيا. وبمان العمل النقابي الصحفي مشمول في الرزمة التشريعية فان هناك ضرور لتغيير التشريعات بطريقة تسمح للصحفين تنظيم أنفسهم بنقابة واطر مختلفة مرتكزة على مبدأ عد الزامية عضوية نقابة واحدة والسماح للصحفين بتشكيل أطر لحمايتهم وللدفاع عن مصالحهم تكون خالية من كبار المحررين وأصحاب العمل الذين لا يمكن أن يمثلو الصحفيين و أصحاب العمل في ان واحد.

وعودة لموضوع مجالس الإعلام, فرغم أنه لا ضرورة لإستبدال وزارة الإعلام بمجلس أعلى الا أنه من الممكن تشكيل مجالس شعبية لمتابعة مواضيع متعلقة بالاعلام و الجمهور. فالمجتمع مهتم بمضمون ونتائج الاعلام ولذلك من الممكن مثل خلق مجلس شكاوى للمواطنين حول الإضرار الذي قد يسببها معالجة إعلامية مثل برامج عنيفة على التلفزيون أو حجب مواقف سياسية عن الإذاعة أو تضخيم أمرا ما في الصحافة. كما ومن الضروري تشجيع كافة وسائل الإعلام الخاصة ان تخلق دائرة خاصة لشكاوى المواطن ومتابعين هذه الوسائل الاعلامية لكي يتم ضمان عرض كافة وجهات النظر بطريقة حضارية ودون تجريح شخصي.

من ناحية أخرى ربما هناك حاجة لخلق حوافز مهنية للعمل الصحفي الجيد. ولكن من الضروري أن تكون مثل هذه الحوافز بعيدة عن مبدأ الرشوة الصحفية بل تعكس تقدير من هم من الناحية المهنية مستحقون لهذا التقدير وذلك من خلال السماع الى رأي لجنة تحكيم مهنية تعمل وفق اسس مهنية بطريقة بعيدة عن السياسة والحزبية .

نهاية لا بد من التأكيد لما هو بديهي وهو أن شعار إعلام حر لا يمكن أن يتم تطبيقة دون ممارسة المواطنين بكافة أجناسهم و فئاتهم كافة أشكال الحرية من حرية تجمع وحرية العمل السياسي وحرية التعبير عن الرأي مهما كان مختلفاً ومعارضا لرأي الغالبية لأن حرية الإعلام وحرية الرأي تأتي فقط عند احترام حرية الأقلية وليس فقط عند احترام حرية الأكثرية .

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .