يناير 20 2004

ملاحظات حول مسودة قانون المرئي والمسموع

نشرت بواسطة الساعة 12:00 ص تحت فئة اﻷردن -

جيد فعل السيد حسين بني هاني مدير هيئة المرئي والمسموع عندما تقدم مؤخراً مسودة قانون جديد لديوان الفتوى والتشريع ينظم عمل المحطات الإذاعية والتلفزيونية الخاصة في الأردن . ففرصة السماح بامتلاك الأثير تعتبر شرف ومسؤولية في آن واحد . فعكس الاعلام المكتوب فإن المرئي والمسموع منفتح لكافة شرائح المجتمع من مثقفين وآميين ، من أطفال إلى الشيوخ . وبما أن موضوع قانون المرئي والمسموع قد فتح للنقاش فلا بد من تسجيل بعض الملاحظات حول القانون الحالي وما ترشح من معلومات حول القانون الجديد .

لقد شكل القانون الحالي مفارقة يجب ازالتها بين البرامج الترفيهية والبرامج الاخبارية. فقد جاء في القانون والأنظمة التابعة له أن تراخيص الإذاعات التي تحتوي على أخبار ستكون (50%) أغلى من التراخيص التي لا تشمل الأخبار.

لا شك أن هذا الجانب من التنظيم جاء لوضع مالك الإذاعات والمحطات التلفزيونية في إطار المسؤولية عند بث الأخبار عبر الأثير . ولكن هذا الأمر جاء مغايراً للأطروحات والسياسات الرسمية المتوخاة من كتاب التعيين السامي والذي شكل موضوع التعددية السياسية والفكرية عنصراً أساسياً له ، بل وقد تم تسجيد هذا التفكير بخلق وزارة التنمية السياسية بهدف دعم كافة الجهود الرسمية وغير الرسمية في التعددية السياسية .

وإذا علمنا ان عملية صناعة الأخبار وخاصة الأخبار ذات مستوى حرفي عالي هي عملية مكلفة فإنه من الأفضل عدم وضع قيود مالية اضافية على المحطة الاذاعية او التلفزيونية التي تريد بث أخبار بل بالعكس من المفضل وضع شروط على كل حامل رخصة مرئي ومسموع أن يشمل برامجهم حد أدنى من البرامج الاخبارية والحوارية لما في ذلك أهمية قصوى في التعددية الفكرية والسياسية لان المستثمر الاعلامي سيبعد عن صناعة الاخبار وستتشكل في الاردن العديد من المحطات الترفيهية دون الاهتمام بالمصلحة العامة .

وفي هذا الاطار لابد من الاشارة الى ضرورة تخصيص رخص مجانية للبث الاذاعي المجتمعي شريطة الا تحتوي على اعلانات . فلو نظرنا الى التجارب العالمية لوجدنا اهمية المحطات المجتمعية او ما يسمى Community Radio في توحيد المجتمع وزيادة وعي مواطنيه . وقد تبين مؤخراً أن العالم العربي لا يشارك في اتحاد المحطات المجتمعية العالمية AMARC والذي يعقد هذه الايام اجتماع دولي في الهند تشارك فيه اذاعة عمان نت ولاول مرة بصفة مندوب عن العالم العربي .

كما ولا بد لضرورة اشتراط كل حاصل على رخصة بث ان يسمح ببث عدد محدد من الومضات والبرامج ذا مصلحة عامة ( مثل توجيهات البيئة ونصائح عامة للانتخابات ) كما ويجب اشتراط ضرورة اعطاء نسبة معينة من برامج البث للجهات الضعيفة في المجتمع مثل المسنين والاطفال والمقعدين والاقليات .

من المعروف ان اي قانون مرئي ومسموع يشمل ضرورة تنظيم الاثير بالاساس الاذاعات ومحطات التلفزة. وقد اصاب القانون الحالي عندما استثنى الانترنت من تعريف البث المرئي والمسموع . ولكن يبدوا مما تسرب من مسودة القانون الجديد انه سيشمل تنظيم البث الاذاعي والتلفزيوني عبر الانترنت . قد يفسر البعض هذا التصرف بالطبيعي بعد السماح بالبث الاذاعي الخاص ولكن هناك مجموعة من المخاطر في هذا المضمار . فمحاولة تنظيم الانترنت ولو كانت لا أهداف جيدة سيكون منافي للتوجه الملكي العام والخاص . فالتوجه الملكي العام يدعوا لزيادة الانفتاح والتعددية الفكرية وهذا لن يتحقق اذا ما تم تقييد عمل الانترنت في اي شكل كان . كما ان المحاولة هذه تخالف التوجه الخاص لجلالة الملك لجعل الاردن مركزاً اقليمياً للانترنت . كما يخالف محاولة وزارة التربية والتعليم ووزارة التخطيط لمحاولة تشجيع الوعي بالانترنت من خلال المدارس . فلو قام طالب بمدرسة ما بتسجيل قصيدة او اغنية وبثها على الانترنت فسيحتاج هذا البث ترخيص حسب مسودة القانون الجديد مما سيحدد من انهاض المحاولات الفنية والابتكارات الطلابية والمجتمعية .

ان الاضرار على الاردن من محاولة المساس بحرية الانترنت في الاردن التي امتدحها مؤخراً تقرير صحفيين بلا حدود والمعهد الدولي للصحافة في رسالة لجلالة الملك ستكون اكثر بكثير من اي فوائد سيحققها محاولة ” تنظيم ” الانترنت . كما ولن تنتهي المشكلة بهذا التنظيم للبث عبر الانترنت حيث ستنتقل الجهات العاملة في هذا المجال الى خارج الاردن مما سيفقد الاردن استثمارات خارجية وسمعة عالمية دون ردود تذكر .

ان صياغة قانون جديد للمرئي والمسموع أمراً هام ومفيد اذا ما تم الاستفادة من تجارب دولية واذا ما كان الهدف الاساسي هو الاستجابة لدعوة جلالة الملك عبد الله الثاني والذي طالب بان تكون حرية التعبير في الاردن ان تكون مرتفعة بعلو الراية الاردنية . هذا سيتطلب من المشرعين العمل على تشجيع التعددية لا خنقها .

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .