أكتوبر 30 2016

كيف يمكن تطبيق مبدأ سيادة القانون

نشرت بواسطة الساعة 12:24 م تحت فئة مقالاتي,اﻷردن -

بقلم داود كُتّاب

أصاب جلالة الملك عبد الله الثاني كبد الحقيقة عندما ركز ورقة مناقشته السادسة على ضرورة احترام سيادة القانون والالتزام به.

ليست سيادة القانون مفهوماً جديداً؛ فهي تعني في الأساس أن القانون، أي القانون المكتوب بوضوح، يجب أن يحكم البلاد، خلافاً لقرارات تعسفية من قبل مسؤولين حكوميين.

بعضهم يعيد مفهوم سيادة القانون إلى بريطانيا في القرن السادس عشر.  والبعض الآخر يعود به إلى الفيلسوف أرسطو الذي كتب أنه “يجب على القانون أن يسود”.

ولكن كيف يمكننا تطبيق هذا المفهوم في الأردن اليوم؟

بادئ ذي بدء، من المهم أن نفهم، كما صرّح الملك، أن الولاء والإخلاص “يبقيان نظريتين مجردتين في غياب احترام القوانين”.

هذا يعني أنه إذا كنت تشيد بالبلد، وأنت لا تحترم القانون، فأنت أسوأ بكثير ممن ينتقدون البلد بينما يحترمون قوانينه.

إذا تم قبول المبدأ بشكل صحيح، فإن هذا من شأنه القضاء على فئة كاملة من الأفراد الذين يصفقون باستمرار، ويتغنون بالبلاد ولكن غالباً ما يكونون أول من يلجأون غلى الواسطة واستثناءات القانون.

الأردنيون يسمون هذه الفئة “بالسحيجة” ولكن بطبيعة الحال، فإن هؤلاء “السحيجة” سيتوقفون عن العمل إذا لم يكافئهم المسؤولون الحكوميون، ولم يمنحوهم الأمور التي طلبوها.

لا شيء يستطيع أن يُمكّن هذه الفئة أكثر من الحقيقة أنهم قادرون على القيام بأمور والحصول على امتيازات لا يستطيع المواطن العادي الحصول عليها.

سيادة القانون تعني المساواة والعدالة في ممارسة الحكم بشكل يومي.

ليس مطلوباً من المسؤولين الحكوميين الأفراد فقط تطبيق القانون بشكل عادل وعلى قدم المساواة، ولكن يجب أيضاً أن يُمنعوا من خلق نظام قانوني بديل.

في كثير من الأحيان، يكتشف المرء في الأردن أنه يوجد قانون بديل غير مكتوب غالباً ما يأخذ الأسبقية على القانون المكتوب.

يختبيء البعض تحت ذريعة التقليد أو العرف.  وعلى الرغم من أنه يوجد قانون مكتوب، فإنهم يقولون أنهم يفعلون هذا الأمر أو ذاك منذ عدة قرون رغم أنه مخالف للقانون المكتوب.

هذا التطبيق العشوائي لقانون غير مكتوب يجعل النظام عديم الفائدة تماماً.

ما هي الفائدة من مناقشة وإجراء المناظرات على قانون معين ليقرر في النهاية مسؤول من تلقاء نفسه تجاوزه؟

بينما في بعض الأحيان يتم تجاوز هذا القانون غير المكتوب بحجة التماشي مع العرف والتقاليد، فإنه في أحيان أخرى يتم ذلك تحت مبرر آخر ألا وهو من أجل المصلحة العامة.

المسؤولون، سواء كانوا على مستوى شرطي أو محافظ أو وزير، كثيراً ما يقررون من تلقاء أنفسهم أنهم يعرفون ما هو الأفضل للبلاد.

عندما يتم فرض مثل هذه القوانين غير المكتوبة، سواء لحظر حدث عام أو للضغط على أحد الصحفيين بعدم كتابة موضوع معين أو لفصل طالب جامعي، فإن المسؤولين يستخدمون مجموعة متنوعة من الوسائل والضغوط.

وكثيراً ما يقوم الجهاز الأمني بتسهيل عملهم مستخدمين عدة أشكال من الضغوط.

وبما أن معظم القرارات أو حتى الوثائق الرسمية (مثل جواز السفر ورخصة البناء ورخصة الاستيراد) تحتاج إلى تصريح أمني، فإن تجرأ مواطن على رفض الاستجابة لتلك الضغوطات، هناك عدة طرق تجعل حياة المواطن صعبة وذلك ببساطة عن طريق رفض أي طلب رسمي يحق له.

مع هكذا ترهيب وضغوطات غير مباشرة نادراً ما يقاوم الناس النظام وغالباً ما يجبرون على تنفيذ أهواء هؤلاء المسؤولين على مضض.

ولكن نتيجة لهذه الممارسات، يشعر المواطنون بالضغينة والمرارة.  وإذا استمرت هذه الأعمال، يصبح المواطنون غير مبالين (ومن هنا على سبيل المثال ضعف ممارسة المواطنين حقهم الانتخابي) ويبدأون يبحثون عن فرصة للهجرة.

من أجل ترجمة مفهوم سيادة القانون، يجب أن يتم بذل جهود جادة وقوية لمعاقبة المخالفين، ولحماية المبلغين عن المخالفات والقيام بذلك بطريقة تتسم بالشفافية، لردع الآخرين عن الاستمرار في الطريق الخطأ.

القادة يجب أن يحكموا بطريقة يكونون فيها مثالاً للآخرين، والوزراء وكل مستويات المسؤولين الحكوميين يحتاجون أن يطبقوا وينفذوا قَسَمَ الولاء عند توليهم المناصب العامة.

اليمين الدستورية تدعو إلى احترام الدستور وقوانين البلاد. لذلك فإن التنفيذ الناجح للورقة الملكية السادسة يجب أن تشهد على نهاية القوانين غير المكتوبة والتعسفية، وعلى احترام حقيقي للقوانين المكتوبة.

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .