نوفمبر 15 2016

هل سيكون ترامب منصفاً للعالم؟

Al-Rai logo

بقلم داود كُتّاب

تحدث دونالد ترامب، الرئيس الأميركي المنتخب، إلى مؤيديه والشعب الأميركي والعالم عند الساعة 2:40 من يوم الأربعاء.

أشاد بهيلاري كلينتون، وتحدث كيف سيجعل أميركا بلداً عظيماً ثم خاطب العالم قائلاً:

“أريد أن أقول للمجتمع الدولي أنه في الوقت الذي سنضع فيه دائماً مصلحة أميركا أولاً، سنتعامل بإنصاف مع الجميع، جميع الناس وجميع الدول الأخرى.  سنسعى إلى إيجاد أرضية مشتركة وليس العداء، والشراكة وليس الصراع “.

بطبيعة الحال، هذا هو نوع الخطاب الذي يتوقعه المرء من الفائز، لكنه يثير السؤال:  هل  يستطيع ترامب في الواقع أن يكون منصفاً للعالم بينما يضع مصلحة أميركا أولاً؟

ومن الواضح أن الجواب إيجابي إذا كان هذا ما تريد إدارة ترامب القيام به.

من الناحية السياسية، وما يثير الدهشة هو أن الرئيس المنتخب لديه التزامات قليلة جداً يتمسك بها بصرامة.  كما لا يُعتبر ترامب شخصية فكرية سياسية من حيث التزامه بأي رأي أيديولوجي معين.

والحقيقة هي أن ترامب ليس مديناً لأية مجموعة من مجموعات  الضغط الكبيرة والقوية، على الرغم من أن أحد المتبرعين لحملته، شيلدون أديلسون، هو من مؤيدي الحكومة الإسرائيلية اليمينية برئاسة بنيامين نتنياهو.

ولكن إذا أراد ترامب أن يكون منصفاً بشأن فلسطين، فإنه سيحتاج إلى عكس أو إصلاح العديد من السياسات الحالية التي تقودها جماعة ضغط واحدة ألا وهي الإيباك.

وهذا يعني أيضاً أن المقيم في البيت الأبيض يجب أن لا يتحمل الاحتلال العسكري المستمر للفلسطينيين من قبل إسرائيل، والذي يدخل الآن عامه الخمسين.

كما يجب أن يرفض سرقة الأراضي ويجب ألا يسمح بوجود نظام الفصل العنصري لأقلية غير قانونية من المستوطنين الذين يعيشون تحت قانون واحد بينما الأغلبية الفلسطينية وهم مالكو الأرض يعيشون بموجب قانون غير ديمقراطي.

قال وزير التعليم الإسرائيلي، نفتالي بينيت، إن انتصار ترامب هو دفن لحل الدولتين. والموقف هذا مضحك – مبكٍ فكأن حل الدولتين كان سيتحقق لو فازت كلينتون وأنها كانت ستجبر إسرائيل على الانسحاب الفوري إلى حدود عام 1967.

والحقيقة هي أن واشنطن كانت ولفترة طويلة جداً تلعب لعبة ذات وجهين، تتحدث عن دولتين والسلام بينما توقع عقوداً طويلة الأمد بمليارات الدولارات كدعم لبلد كان ولا يزال يدير أطول احتلال عسكري في العالم.

إقليمياً، ليس من الواضح ما سيعنيه فوز ترامب.

الأوروبيون ربما يشعرون بجرأة الآن للتوصل إلى نوع من الحل ورعايته في ليبيا، دون محاولة كلينتون تنظيف سجلها في هذا البلد الواقع في شمال أفريقيا.

لن يعمل ترامب ومعه الجمهوريون شيئأ في الحرب على “الإسلام الراديكالي”.

لن يحدثا أي تغيير كبير عن استراتيجية أوباما الحالية، ولكن سيكون هناك كلمات كبيرة حول الإرهاب مما سيزيد من التحامل على الإسلام والمسلمين في الولايات المتحدة.

سيتراجع دور أميركا في الشؤون العالمية من خلال وكالات الأمم المتحدة والتمويل العملاق للوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) وسيجري بالتأكيد من وراء الكواليس الآن خاصة وأن البيت الأبيض والكونغرس هما بين أيدي حزب يكره المنظمات الدولية ولا يحب إنفاق الأموال في الخارج.

احتمال وجود صفقة مع روسيا تلوح في الأفق بشكل كبير عندما يفكر المرء في موقف شخص مثل ترامب ماهر في إجراء الصفقات.  وهذا قد يعني التوصل الى اتفاق لإنهاء الحرب في سوريا، على الرغم من أنها على الأرجح تعني أن بشار الأسد سيبقى رئيساً للبلاد فترة من الزمن.

إذا كانت مصلحة الولايات المتحدة هي المرجعية الوحيدة للسنوات الأربع القادمة، فمن الصعب أن نتصور كيف يمكن أن ينسجم هذا مع سياسة ترامب الخارجية.

هل هذا يعني التخلي عن القضايا الأخلاقية التي تتمسك بها الولايات المتحدة على مدى سنوات منذ إنشائها في عام 1776؟

التعاون بين أميركا وبريطانيا على الأرجح سيزيد بما أنهما كلاهما في حاجة إلى تعزيز شراكتهما التجارية، خاصة الآن بعد خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، وعلاقات أميركا مع المكسيك كذلك من المحتمل أن تعاني أيضاً.

وإلى أن يثبت العكس، فإن الصفقات التجارية الدولية والاتفاقات لن تعاني لأنها جيدة للتجارة الأميركية ومربحة تجلب الأموال ومنتجات رخيصة الثمن.

فوز ترامب على عكس التوقعات يجعل كثيرون من الناس يجدون صعوبة في فهم ما حدث لأن ببساطة ليست لديهم أية فكرة عمن هو ترامب الحقيقي.

هل هو ضد المهاجرين؟ هل هو المتعصب والمعادي للإسلام والمؤيد للتعذيب بالماء أم أنه شخص يريد، كما قال في كلمته بمناسبة فوزه، أن “يبحث عن أرضية مشتركة وليس العداء والشراكة وليس الصراع”ØŸ

الزمن كفيل ليخبرنا أي ترامب أميركا اختارت وعما إذا كان في الواقع سيتعامل بإنصاف مع العالم.

 

*الكاتب صحفي فلسطيني

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .