مايو 05 2016

هل لون البشرة يدّل على عرق؟

نشرت بواسطة الساعة 11:37 ص تحت فئة مقالاتي,اﻷردن -

زاوية تكوين/موقع عمان نت

بقلم داود كُتّاب

أثار قرار لجنة شؤون الأحزاب التابعة لوزارة التنمية السياسية رفْض تأسيس “حزب التجمع المدني” لمخالفته البند الخامس من قانون الأحزاب موجةً من الغضب ومن الاشمئزاز، نظراً لتغوّل العنصرية في داخل النظام السياسي الأردني.

البند الخامس ينصّ على أنه “لا يجوز تأسيس حزب على أساس ديني أو عرقي أو طائفي أو فئوي”، ويبدو أن النقاش، الذي دار بين القائمين على الحزب والمسؤولين في وزارة التنمية السياسية، يعود لكون غالبية المؤسسين، وهم مواطنون أردنيون، من ذوي البشرة السوداء. ففي تبادل شفوي بين المؤسسين والوزارة اقترحت الأخيرة على السيد علي الجازي، أحد المؤسسين استبدال أعضاء مؤسسين ذوي بشرة سوداء بآخرين ذوي بشرة بيضاء، بحسب أقواله.

الرفض – إذا صدقت الرواية الشفوية- يعود لتحليل مفاده أن لون البشرة يدل على عرق، رغم أن قانون الأحزاب لا يتطرق لعرْق المؤسسين بل يقول إنه لا يجور تأسيس حزب على أساس ديني أو عرقي أو فئوي.  فالقائمون على حزب التجمع المدني لم يذكروا في أدبياتهم المقدمة للحكومة أي أمر يمكن فهمه أنه يعبّر عن وجود أساس عرقي أو فئوي بل إن الموظفين في الوزارة استنتجوا تلك الفئوية عند مشاهدتهم للون بشرة الأردنيين المؤسسين.  فهل يتم مثلاً تطبيق المبدأ على أردنيين ذوي بشرة بيضاء، ويطلب منهم ضرورة ضم عدد من الأردنيين ذوي البشرة السوداء كي يتحقق هدف البند الخامس من قانون الأحزاب؟يشكّل رفض تأسيس حزب التجمع المدني على أساس بشرة القائمين عليه ضربة موجعة لمواطنين يؤمنون بالبند السادس من الدستور، الذي يصرّ على ضرورة عدم التمييز على أساس ديني أو عرقي. فلا يكفي وجود تمييز غير معلن يعاني منه ذوو البشرة السوداء، لكن رفضهم على أساس البشرة يشكّل إساءة إضافية يجب أن يُقال عليها وزير التنمية السياسية، الذي لا علاقة له بالسياسة حيث تم ترضيته بعد عزله من منصبه في أمانة العاصمة.

تقول الحكومة إن قرار اللجنة جاء تخوفاً من الفئوية وسيطرة عشيرة معينة على حزب جديد. الغريب أنها منذ تأسيسها دعمت العشائرية وبقوة، بدليل مشاركة نائب رئيس الوزراء في التوقيع على صلح يشمل جلوة عائلات أردنية بريئة. طبعاً الوزير الذي أصرّ على أنه قام بذلك بصورة شخصية كونه من شخصيات مدينة الكرك، وليس بصفته الوزارية لم يهتم بما تعنيه مشاركته في ترسيخ العشائرية وسموّها على سيادة القانون وهيبة الدولة ومؤسساتها. لكن قراراً بهذه العنصرية بذريعة محاربة الفئوية والعشائرية يعدّ أمراً غير مفهوم وتهرباً مخجلاً ممن اتخذ قراراً في غاية العنصرية والتمييز على أساس البشرة لا أكثر.

التمييز والعنصرية المقيتة كشف عنهما قرار سيئ الصيت، وإن لم يكن قراراً رسمياً، إذ وقّع عليه كل من آمنة الزعبي، ممثلةً عن المجتمع المدني، في حين تحفّظ عليه ممثل المركز الوطني لحقوق الإنسان مما يعكس صورة سلبية للغاية عن ممثلة المجتمع المدني ومدى قدرتها على تفهم خطورة القرار، بينما أحسّ عيسى المرازيق بمخالفة أبسط حقوق الإنسان، أما أمين عام وزارة الثقافة مأمون التلهوني وأمين عام وزارة العدل القاضي أمجد جمايلة ونائب أمين عام وزارة الداخلية سمير المبيضين فوافقوا فلم يترددوا في التوقيع على وثيقة تفوح منها العنصرية المقيتة.

حزب التجمع المدني مشكّل من حوالي مئتي مؤسس فخور بأردنيته ومصمم على الدفاع عن كرامته. أتمنى على المسؤولين في وزارة التنمية السياسية سحب قرارهم والموافقة الفورية على تشكيل حزب “التجمع المدني الأردني” وترْك الشعب يقرّر من يمثله وليس أشخاصاً يُشتّم من قراراتهم التمييز والفوقية.

 

داود كتّاب: مدير عام شبكة الإعلام المجتمعي. أسس العديد من المحطات التلفزيونية والإذاعية في فلسطين والأردن والعالم العربي.

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .