يونيو 13 2015

مترو عمّان

نشرت بواسطة الساعة 2:27 م تحت فئة مقالاتي,اﻷردن -

زاوية تكوين/موقع عمان نت

بقلم داود كُتّاب *

خلال مشاركتي بمؤتمر إعلامي-أكاديمي، في مدينة دبي، تنقلت من المطار إلى الفندق وداخل المدينة عبر وسيلة مواصلات جديدة نسبية وهي المترو.

المعروف عالمياً أن مترو الأنفاق وسيلة نقل سريعة (لا تتوقف على الإشارات الضوئية)، ونظيفة (لعدم استخدامها الوقود)، ورخيصة. وقد حقق مترو دبي هذه المزايا، وتظهر النسب العالية لاستعماله من قبل المقيمين من الأجناس والأعمار كافةً النجاح الباهر الذي حققه.

يقدم المترو الناجح فرصة مهمة لأية دولة من أجل كسر الحواجز الطبقية والإجتماعية، فرجال الأعمال، والعمال ذوو الخبرة البسيطة، والطلبة، وربات البيوت يتنقلون جميعاً عبر الوسيلة الواحدة وبالشروط نفسها لسبب بسيط، فعندما يتوفر التنقل السريع والمأمون يكون أفضل وأسرع بكثير من التنقل عبر السيارة الخاصة. ومن السهولة النظر من خلال شباك المترو لملاحظة أزمات السير في دبي على الإشارات الضوئية بينما لا يتوقف قطار المترو إلاّ لتنزيل أو صعود الركاب.

سمعنا مؤخراً عن إقامة مترو في عمان بتكلفة تقدر بالمليارات قد تبدو عالية، لكنها منخفضة إذا جرت مقارنتها بالوفر الذي ستقدمه خطة قوية للمواصلات العامة في مدينة يزيد عدد سكانها عن مليونين.

يُعد نجاح المواصلات العامة في أية مدينة عاملاً مهماً في نجاح الإقتصاد والتطور والتنمية، وتخطيء الدول في عدم منحها المواصلات العامة –كما في عمان والمدن الأردنية-أولوية في المخططات والميزانيات.

مترو عمان يتطلب اهتماماً كبيراً، ليس فقط في التخطيط له وإدارته، إنما نحن بحاجة إلى تطوير سلوك المواطن الأردني من أجل الإستفادة من هذا النوع العملي للتنقل من موقع إلى آخر.

نلاحظ -على سبيل المثال لا الحصر- مشكلة اصطفاف السيارات في العاصمة، لأن غالبية العاملين في المدينة تتنقل بسياراتها الخاصة من دون التفكير بالاستفادة من شبكة المواصلات العامة، وقد يكون السبب الحالي مقنع بسبب ضعفها وعدم انتظامها، لكن هل سيتغير الوضع لو تم إنشاء مترو عمان؟

بات ضرورياً خلق وسائل لتحفيز الأفراد على عدم استخدام سياراتهم للتنقل بها منفردين، وهناك العديد من المدن المكتظة تضع مسارات خاصة لمن يسير بسيارته مع شخص أو شخصين إضافة للسائق.

تضع الجهات المختصة، في العاصمة البريطانية لندن، ضريبة اكتظاظ لمن يستخدم سيارته الخاصة في دائرة محددة في وسط العاصمة، قد يكون من الصعب استعارة الفكرة بالنظر إلى غياب بدائل عملية للمسافرين، لكن يبدو هذا التفكير مجدياً لتخفيف حدة الأزمات في صيف حار مليء بالمغتربين والزوار، إضافة لسكّان عمان الذين يعانون أزمات مرورية خانقة في ساعات الذروة.

نحتاج، أيضاً، إلى التواصل والتوعية بوضع لوحات تفاعلية توجه المسافرين نحو المسار الذي يجب اتخاذه في أوقات الذروة،  في ظل فشل ذريع في استخدام الإذاعات المحلية لتوصيل هذه المعلومة الهامة بسبب السياسة الاحتكارية للأمن العام في حصرها لاذاعة أمن إف إم (لأسباب تجارية) بدلاً من توفيرها للإذاعات كافةً، وحتى عبر التواصل الاجتماعي لتعميم الفائدة.

يتطلع العمانيون وزوار العاصمة لتحسن كبير في إدارة موضوع المواصلات العامة، علماً بأن الأردن يعتبر من أسوأ الدول العربية في هذا المجال.

يشكل المترو فرصة للخروج من الأزمة الحالية، ويتطلب تنفيذه سنوات طويلة قبل أن يتحقق الحلم، يمكننا خلالها الاطلاع على تجارب الآخرين، ومنها دبي، واتخاذ خطوات عملية لتنظيم وتحسين المواصلات العامة، وزيادة التواصل والوعي مع المواطنين لتغيير نمط حياتهم في ما يتعلق بالتنقل من وإلى وسط العاصمة.

 

*  مدير عام شبكة الإعلام المجتمعي. أسس العديد من المحطات التلفزيونية والإذاعية في فلسطين والأردن والعالم العربي.

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .