مايو 30 2015

شراكة محفوفة بالمخاطر

نشرت بواسطة الساعة 10:41 ص تحت فئة مقالاتي,اﻷردن -

زاوية تكوين/ موقع عمان نت

بقلم داود كُتّاب

أعلن في المؤتمر الاقتصادي العالمي، الذي عقد في البحر الميت مؤخراً، عن توقيع عقود استثمارية  بمليارات الدولارات. وكان لافتاً هذا العام الارتفاع الكبير في عدد العقود التي تحمل طابع الشراكة بين القطاعين العام والخاص. فما هي فوائد ومخاطر هذا النوع من النشاط الإقتصادي؟

من الطبيعي أن تشكل الشراكة العامة –الخاصة مصلحة وفائدة للطرفين، فالقطاع العام له أولويات، ولديه إمكانيات إدارية ومالية كما للقطاع الخاص خبرة في الإنتاجية والتميز تتفوق بسهولة على نشاطات القطاع العام. لكن الشراكة المذكورة تحمل معها مجموعة من المخاطر يجب أن تكون الدولة واعية لها.

إن أساس نجاح هذه الشراكة يعتمد على شرطين: وجود قطاع عام يمثل –حقيقة- رغبات المواطنين ورقابتهم على عمله، فمن المفترض عدم بقاء مسؤولين مؤثرين في مواقعهم إذا استنكر الشعب سوء أدائهم، وأن يجري اختيار ممثل القطاع الخاص على أسس الشفافية المطلقة، وأن يكون حقاً متساوياً لأي طرف وطني في المنافسة على تنفيذ تلك المشاريع.

فهل يتوفر هذان الشرطان؟ في القطاع العام يصعب إقناع المواطنين أن المسؤولين يمثلون الشعب، ويعملون بهدف خدمة المجتمع، وأنهم يخضعون للرقابة الحقيقية من ممثلي الشعب. لن أخوض في غياب أركان الحاكمية الرشيدة والمحاسبة، لكن أشير إلى اختيار أغلبية النواب (ممثلي الشعب) عبر قانون الصوت الواحد في غياب نظام حزبي فعال.

ولم نسمع قبل انعقاد مؤتمر البحر الميت عن تنافس بين الشركات الخاصة التي تشارك في المشاريع الضخمة، فهل كانت عملية اختيار الشركاء من القطاع الخاص شفافة، وكانت الفرص متساوية للجميع؟ الجواب سلبي بالطبع.

رغم الشكوك المذكورة يبقى هناك جملة أسئلة مهمة حول كيفية اختيار المشاريع والأولويات التي تبرم بناء عليها العقود. لقد أعلن في مؤتمر البحر الميت عن الخطة العشرية التي قد تشكل أساساً لبعض الأولويات، لكن هل حصلت تلك الخطة على مصادقة مجلس الأمة أم هل أصبح للسلطة التنفيذية حق التخطيط والتنفيذ من دون العودة لممثلي الشعب؟

تشكل الشراكة العامة الخاصة مخاطر في مجال عدالة التنافسية، فمن السهولة أن تؤثر بعض المشاريع في القطاعين الصناعي والسياحي وغيرهما سلباً على التنافسية، والأمر نفسه ينطبق على إقامة محطة تلفزيون مشتركة بين القطاعين العام والخاص من دون إعطاء أي من المشغلين الحاليين للتلفزيونات أو غيرهم من المهتمين فرصة ليمثلوا الشريك الخاص.

هل تم إجراء دراسة جدوى حول تأثير تلك المحطة التلفزيونية على القطاع الخاص، الذي يستثمر القائمون عليه مبالغ كبيرة خلال السنوات الماضية ليجد نفسه في منافسة غير عادلة مع محطة تحصل على فوائد ومزايا من الحكومة، وتقدم أرباحاً مبالغاً بها لشريك محدد من غير أن يكون هناك دراسة على تأثير المحطة الجديدة على المحطات القائمة.

قام الملك، مؤخراً، بانتقاد غياب التنسيق مع القطاع الخاص ممثلاً برجال ونساء الأعمال والغرف التجارية والصناعية، ووعدت الحكومة بمعالجة القضية، لكن هل تم فعلاً إشراك القطاع الخاص في العقود المليارية التي أعلن عنها في دافوس؟

ليس من الخطأ وجود شراكة بين القطاعين العام والخاص على أن تنفذ الشراكة من خلال برنامج وآلية واضحة وشفافة ضمن أولويات لا يستطيع القطاع الخاص وحده تنفيذها، بحيث لا تدخل الحكومة والقطاع العام في منافسة مع القطاع الخاص، وهو من المؤكد سيشكل ضرراً على المدى البعيد، خاصة في حال تعثرت تلك المشاريع.

الحل بسيط، لكنه صعب التنفيذ في ظل الحكومات الحالية وآلية عملها، إذ يمكن حل بعض المشاكل عبر نشر جميع المعلومات المتعلقة بتلك الشراكة أمام الرأي العام.

الأردن كان أول دولة عربية تسن قانون حق الوصول للمعلومات، وأول دولة عربية انضمت إلى مشروع الحكومة المفتوحة، لكن تلك التشريعات والشراكات لم ينتج عنها تدفق حقيقي للمعلومات، فلا تزال الدولة بأدواتها ووزاراتها وبلدياتها كافةً تعمل بثقافة حجب المعلومات وليس نشرها طوعاً.

المطلوب ثورة حقيقية في مجال تدفق حقيقي للمعلومات لكي يقتنع المواطن بأن الشراكة بين القطاعين العام والخاص تتم بشفافية وعدل وبهدف خدمة المجتمع وضمن أولويات الدولة من دون أن تؤثر سلباً على القطاعات المختلفة.

  • داود كُتّاب: مدير عام شبكة الإعلام المجتمعي. أسس العديد من المحطات التلفزيونية والإذاعية في فلسطين والأردن والعالم العربي.

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .