مايو 03 2015

هل نشهد زيادة لشعبية الإخوان بسبب قمع الحكومات لهم؟

نشرت بواسطة الساعة 10:33 ص تحت فئة قضايا عربية,مقالاتي,اﻷردن -

بقلم داود كُتّاب

كان مؤيدو جماعة الإخوان المسلمين في الأردن يخططون للإحتفال بالذكرى السنوية ال 70 يوم الجمعة على الرغم من الرفض العلني للحكومة الأردنية في السماح لهذا الإحتفال بأن يعقد وفي النهاية تراجع الإخوان ولكن الأزمة التي خلقتها دعوتهم تثبت أنهم لا يزالون الرقم الصعب في المعادلة السياسية في الأردن والمنطقة.

ففي فلسطين، فازت الحركة الطلابية الحمساوية، أنصار الإخوان المسلمين، في انتخابات مجلس طلبة  جامعة بيرزيت. وغالباً ما ينظر إلى الإنتخابات الطلابية على أنها مؤشر يعكس مشاعر الرأي العام. وفي اليمن ومصر وليبيا لم يختفِ أنصار الإخوان على الرغم من الإجراءات القمعية والعنيفة ضدهم.

المعارض البارز ليث شبيلات في الأردن نشر على صفحته على الفيسبوك رسالة مفتوحة إلى الملك عبد الله الثاني يدعوه فيها بالسماح للإخوان بعقد احتفالهم مذكراً إياه كيف أن المحاولات القمعية ضد جماعة الإخوان المسلمين في حالات سابقة جعلتهم في الواقع أكثر شعبية.

جرى تداول العديد من الحجج لتبرير المحاولات القمعية ضد الإخوان. في مصر هم متهمون بأنهم في الحقيقة مجموعة إرهابية يرتدون ثياب الحملان.  في فلسطين وليبيا فهم متهمون بأنهم غير ديمقراطيين، وأنهم يتفوهون بالمبادئ الديمقراطية شفوياً فقط للوصول الى السلطة. وعندما يصلون إلى السلطة يماطلون وغالباً ما يرفضون السماح بنقل السلطة مما يعني أنهم لا يؤمنون بالتداول السلمي للسلطة.

في الأردن ظهر صراع على شرعية حركة الإخوان المسلمين.  وهذا الإنقسام داخل الحركة أعطى الحكومة وأجهزتها فرصة للوقوف إلى جانب أحد الطرفين على الرغم من أن رئيس الوزراء يصر داخل البرلمان بأن الدولة لن تكون طرفاً ضد طرف آخر في النزاع الداخلي للإخوان.

وقد أظهر الصراع الحقيقة بأن جماعة الإخوان المسلمين الأم لم يتم ترخيصها رسمياً. وهذا أعطى فرصة لمعارضي الجماعة الأم الأكثر اعتدالاً أن ينشقوا ويتقدموا بطلب للحصول على الرخصة المرجوة باعتبارهم الممثل الرسمي للإخوان في الأردن. وافقت الحكومة بسرعة على طلب الترخيص وأعلنت الجماعة الأم غير شرعية.  تمتلك الجماعة الأم إرثاً غنياً من مؤسسات وجمعيات خيرية وقد تسببت القضية بصراعات كبيرة حول من سيسيطر في نهاية المطاف على هذه المؤسسات والجمعيات الخيرية العديدة التي تشمل المستشفيات والعيادات وغيرها.

أعلنت الحكومة الأردنية علناً أن المظاهرة المقررة ليوم الجمعة غير قانونية حيث أنه يتم تنظيمها من قبل مجموعة غير قانونية، من وجهة نظرهم. النشطاء والحقوقيون في مجال حقوق الإنسان يصرون بأن تعديلات عام 2011 للدستور الأردني ولمختلف الأنظمة والممارسات ألغت فكرة ترخيص المظاهرات وتم استبدالها بضرورة إبلاغ الجهات الحكومية ذات العلاقة. وقد جرى ذلك وسيروا ما إذا كانت الحكومة ستنتهك الدستور من خلال حظر المظاهرات أم لا. في النهاية وفي الساعة الأخيرة تراجع الإخوان ولكن كان ذلك بعد أن وضعوا الدولة بكافة مؤسساتهم تحت ضغط كبير.

من الواضح أن الكثيرين في العالم العربي يتمنون أن تختفي جماعة الإخوان المسلمين أو وحتى أن يتم استبدالها بجماعة أكثر اعتدالاً.

أسس حسن البنا جماعة الإخوان المسلمين في مدينة الإسماعيلية المصرية في شهر آذار/مارس من عام 1928 كحركة دينية وسياسية واجتماعية إسلامية.

عادة كان القوميون العرب والجماعة على خلاف في المجالات السياسية المختلفة. وفي كثير من الأحيان كانوا يتنافسون على جميع المستويات بما في ذلك المجالس الطلابية والجمعيات المهنية، وكذلك في الإنتخابات العامة.

في الأردن اتهمت جماعة الإخوان المسلمين أنها أصبحت أكثر راديكالية وتطرفاً وقريبة جداً من حركة حماس الفلسطينية. وقد أدين زكي بني إرشيد وهو الرجل الثاني في الجماعة الأم بأنه يلحق الضرر بعلاقات الأردن مع دولة صديقة عندما وجه انتقادات إلى دولة الإمارات العربية المتحدة على صفحته على الفيسبوك لإعلانها أن الجماعة في الإمارات هي منظمة إرهابية غير مشروعة.  تمت محاكمته في محكمة أمن الدولة على الرغم من أن العديد من القضاة ونشطاء الإعلام يشعرون أن هذه القضية ما هي إلا حرية التعبير وليست قضية إرهابية.

بغض النظر عما يحدث في الأردن وفي الدول العربية المجاورة، هناك أمر واحد يبدو واضحاً وهو أنه من المستحيل طمس حركة تحظى بدعم شعبي. وفي الواقع كلما واجهت الحركة قمعاً كلما أصبحت شعبية أكثر. الأسلوب المنطقي الذي ينبغي اتباعه هو السماح لها بالعمل والسماح للجمهور أن يقرر ما إذا كانت لديها ما يلزم لتولي الحكم أو المشاركة في السلطة.

وبطبيعة الحال، فإن مثل هذه الأفكار يعارضها كثيرون مستشهدين بالأمثلة التي حدثت مؤخراً حيث قام مؤيدو جماعة الإخوان المسلمين باحتكار الحكم بعد أن فازوا بطريقة ديمقراطية، كما هو الحال في قطاع غزة ومصر وليبيا.  الحجج تطول وتطول دون أن يكون أي شخص أو جهة قادراً على إيجاد آلية تحمي الدولة من أية إجراءات تؤدي إلى إنكار حقوق المواطنين في دعم منظمة أو حركة ما اختاروها طوعاً وفي نفس الوقت ضمان حق الجميع بالتمثيل السياسي الذي ينتمون إليه.

 

  • الكاتب صحفي فلسطيني

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .