يوليو 12 2014

الدعم العلني لفلسطين بدأ بالتدفق

موقع دوتت مصر

بقلم داود كُتّاب

شعر السياسيون الذين أعاقوا الدعم العلني لدولة فلسطين بالحرج في الأسابيع الأخيرة. فعندما سمح هؤلاء المتحكمون السياسيون أن يعبر شعوبهم عن مواقفهم شاهدنا تأييداً ضخماً لفلسطين وشعبها.

هذا ما حدث في مجلس العموم البريطاني حيث صوّت النواب بشكل ساحق من أجل فلسطين، وتلاه موقف إسبانيا، ثم فرنسا في هذا الأسبوع.  من المقرر أن تصوّت في الأسابيع المقبلة بلدان أوروبية أخرى بعد أن أصبح غير مقبول حرمان ممثلي الشعب من قول كلمتهم.

صحيح أن هذه الأصوات ليست ملزمة للحكومات، إلا أنها توجه رسالة قوية وتجعل من الصعب جداً لممثلي الدول في مجلس الأمن التصويت ضد قرار يتعارض مع ما صوّتت له برلماناتهم. المملكة المتحدة وفرنسا هما عضوان دائمان وإسبانيا سوف تصبح عضواً دائماً في مجلس الأمن المرموق في الأول من شهر كانون الثاني 2015.

وزير الخارجية الفرنسي يحاول جاهداً تجنب تصويت مجلس الأمن من خلال تنظيم مؤتمر للسلام في باريس من شأنه أن يعيد الإسرائيليين والفلسطينيين إلى طاولة المفاوضات.  من الواضح أن زمن المفاوضات بالنسبة للفلسطينيين قد ولى ما عدا الحوار حول تنفيذ مراحل إنهاء الإحتلال.  أية محادثات أخرى ستكون مضيعة للوقت وفرصة لإسرائيل للتعتيم والتأخير.

بالطبع، جرى كل هذا التصويت في أوروبا، أما الولايات المتحدة فهي قصة أخرى.  تصويت الناس خارج ضغوطات اللوبي الأميركي في الكونغرس المصاب بالفساد قد ينتج عنه نتائج إيجابية على الرغم من أنها قد لا تكون ساحقة.  ليس فقط أن الكونغرس الأميركي يتأثر بشكل كبير بأولئك الموالين لإسرائيل إلا أن الأمر هو كذلك أيضاً بالنسبة لوسائل الإعلام ومراكز الأبحاث التي تشكل الرأي العام الأميركي.

هذا الدعم الشعبي لفلسطين يُظهر بوضوح انجذاباً إنسانياً طبيعياً نحو شعب تحت الإحتلال. حتى العدد القليل جداً من البرلمانيين الذين صوتوا ضد القرار بشأن إقامة دولة فلسطينية، ذكروا أنهم يؤيدون استقلال فلسطين ولكنهم يشعرون بالقلق بأن يستبق هذا النوع من القرار النتائج المحتملة لمحادثات السلام.

بعد أكثر من 47 عاماً من الإحتلال، هل تُعتبر الدعوة لتنفيذ بسيط لعشرات الأحكام والقرارات الصادرة عن الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمطالبة بالحق الأساسي في تقرير المصير المنصوص عليه في جميع القوانين الإنسانية الدولية تسرعاً؟

الإسرائيليون قد يدّعون أن حل الصراع يجب أن يتقرر بتأييد الجانبين وخلال المحادثات المباشرة لم يتخلّ الإسرائيليون عن شيء فحسب، بل أدخلوا شروطاً مهينة.  الشرط الذي قدمه رئيس الوزراء الإسرائيلي مؤخراً (بالإضافة إلى دولة فلسطينية من دون القدس ومجردة من السلاح) هو أن يقبل الفلسطينيون بأن تكون إسرائيل هي الوطن القومي للشعب اليهودي.

رفض الفلسطينيون والعرب هذه الدعوة، ويصرون على أنه عندما تم تبادل رسائل الإعتراف بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل لم يكن هناك أي شرط من هذا القبيل.  وكان  الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد قال سابقا إن إسرائيل يجب أن تذهب إلى الأمم المتحدة حيث ولدت “قانونياً” وأن يتم تغيير الإسم والوصف هناك.

طبعاً، فإن نفس الطلب الذي قُدم للفلسطينيين يُطلب من الإسرائيليين أنفسهم والنتيجة لم تكن كما كان متوقعاً. فقد ساهم هذا الطلب في انقسام الائتلاف الحاكم والدولة، وأيضاً بالطبع أنتج ضجة كبيرة بين السكان غير اليهود في البلاد.  واحتج أيضاً أعضاء المجتمع الدرزي الصغير الذين جُندوا قسراً في الجيش الإسرائيلي. فما كان من نتنياهو إلا أن قام بزيارة سريعة للقائد الروحي الدرزي وقدم لهم وعوداً مالية من أجل استرضائهم حتى لا يعارضوا قانونه العنصري المثير للجدل.

يريد الشعب الفلسطيني أن يعيش في دولة حرة ومستقلة خاصة به.  فهم ليسوا يهوداً أو صهاينة وليس لديهم مصلحة في أن يكونوا جزءً من الدولة الصهيونية. البقاء في هذا الثقب السياسي الأسود لعقود من الزمن أمر غير مقبول.

وبينما ينضم الرأي العام العالمي إلى فلسطين في دعم هذا الطموح الأساسي الطبيعي، فقد حان الوقت لفئة السياسيين الذين منعوا أية فرصة أمام شعبهم للتعبير عن أنفسهم، أن يرفعوا هذه القيود والإنضمام إلى شعوبهم في دعم قرار بسيط بوضع حد للإحتلال الإسرائيلي وإقامة دولة فلسطينية حسب حدود عام 1967 مع القدس مدينة مفتوحة ومشتركة.  وأي شيء أقل من ذلك سيكون تصويتاً لصالح الإحتلال والقهر والإستعمار.

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .