نوفمبر 10 2014

لا تنسوا غزة

موقع دوت مصر

بقلم داود كُتّاب

تحوّل قطاع غزة مؤخراً ولعدة أيام إلى سجن كبير. فمنذ الرابع والعشرين من شهر تشرين الأول/أكتوبر تم إغلاق معبر رفح من قبل المصريين بعد هجوم ضخم ضد الجيش في شمال سيناء.  وفي الثاني من شهر تشرين الثاني/نوفمبر أغلقت إسرائيل أيضاً كل المعابر مع قطاع غزة، وذلك على ما يبدو بعد إطلاق صاروخ واحد من غزة في ذلك اليوم، كان قد سقط في منطقة مهجورة.

أعاد الإسرائيليون فتح المعابر يوم الثلاثاء 2 تشرين الثاني/نوفمبرولكن معبر رفح بقي مغلقاً.

مصر التي صدمت من سلسلة الهجمات المروعة التي تسببت في مقتل أكثر من ثلاثين جندياً كانت ولا تزال تبحث عن إجابات بينما الجيش يرى أن المشكلة تكمن في غزة.  وليس فقط أن معبر رفح قد أغلق تماماً منذ ذلك الحين، بل إن المهندسين المصريين كانوا مشغولين في تدمير المنازل على الجانب المصري من معبر رفح من أجل خلق منطقة عازلة بمساحة 500 متر والتي يأملون أن تنهي إلى الأبد مشكلة الأنفاق إلى غزة.

يأتي الإغلاق أيضاً في وقت تسير فيه عملية إعادة الإعمار بوتيرة بطيئة جداً. في حين أن مؤتمر المانحين في القاهرة حصد تعهدات أفضل من المتوقع، فإن الوحدة بين فتح وحماس لا يزال عليها أن تحدث اختراقات كبيرة.

ما زالت حماس تمتنع عن تسليم السيطرة على معبر رفح إلى الحرس الرئاسي المشترك ومراقبي الإتحاد الأوروبي.  وقد سمح هذا الفشل أن يستمر المصريون في قولهم بأن حماس هي جزء من المشكلة.  ونتيجة لذلك واجه الجيش المصري والقيادة السياسية مشكلة صغيرة في تبرير هذا الإغلاق المحكم لنقطة العبور الوحيدة المتاحة لسكان غزة للمغادرة والعودة.

أكبر مشكلة اليوم هي بالطبع الطقس.  فالآلاف من سكان غزة الذين فقدوا منازلهم نتيجة للقصف الإسرائيلي الذي دام 51 يوماً في شهر آب/أغسطس الماضي لن يكون بإمكانهم مواجهة موسم البرد والأمطار داخل خيام أو وحدات سكنية التي أصبحت منازل للاجئين الذين أمسى لجؤهم مكرراً.  ويبدو أن الوعد الذي قطعته تركيا بشأن إرسال ثلاثة آلاف بيوت جاهزة إلى غزة سرعان ما تلاشى وذلك على الأرجح بسبب العلاقة الباردة بين أنقرة وتل أبيب.

الفلسطينيون في غزة هم في حالة إحباط للغاية بسبب الإغلاق المصري والإسرائيلي وعدم نضوج الوحدة الوطنية. إن ألقى المرء نظرة على وسائل الإعلام الإجتماعية لعدد من سكان غزة فإن التعليقات ستبدو له وكأنها مذكرات لأفراد تحت وطأة مشاعر الغضب والإحباط  وبعضها يوحي بان كاتبها قد يكون مقبلاً حتى على الانتحار.

الرئيس الفلسطيني محمود عباس لم يكن قادراً على معالجة هذا الإحباط لأنه كان يركز معظم جهده ووقته على المهمة الدبلوماسية للحصول على اعتراف الأمم المتحدة (خاصة مجلس الأمن) بفلسطين.

الرئيس عباس، الذي كان ولا يزال لعدة أشهر تحت ضغط شعبي لزيارة غزة، وعد أن يقوم بالزيارة حالما اجتمعت حكومة المصالحة في القطاع.  وقد حدث ذلك، إلا أن عباس أظهر اهتماماً قليلاً للقيام برحلة مدتها ساعة ونصف في السيارة إلى ما يسمى رسمياً محافظات فلسطين الجنوبية.

المشاكل والعنف في القدس والقرار الإسرائيلي غير المسبوق بإغلاق المسجد الأقصى يوم 29 من شهر تشرين الأول/أكتوبر قد حوّلوا الانتباه عن غزة أيضاً.  يمكن القول أن جزء من الإحباط الذي تولّد عند سكان غزة نجم عنه إطلاق صاروخ واحد والذي أحدث عقاباً إسرائيلياً قوياً جداً في إغلاق جميع المعابر الإسرائيلية المرتبطة بغزة.

تحطمت أحلام إسلام البربار من غزة والتي كانت تدير قبل خمسة أشهر محطة إذاعية نسائية على الانترنت (nisaagaza.com) عندما هدمت إسرائيل في الأيام الأخيرة من الحرب برج الباشا ذا ال 14 طابقاً حيث يقع استوديو إذاعتها .  لم يتقدم أحد لمساعدتها لغاية الآن على إعادة بناء حلم محطتها الإعلامية على الرغم من أنها حاولت الإستفادة من  برنامج للتمويل الجماعي عبر الإنترنت.  وبالإضافة إلى أملها في إعادة تأسيس الاستوديو الذي دمر، فإنه لديها حلم غير عادي ألا وهو ببساطة فرصة زيارة الضفة الغربية القريبة.  يقع منزلها في شمال غزة على بعد 20 دقيقة بالسيارة من مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية.  لم تزر تلك السيدة الغزاوية ذات ال 25 عاماً الضفة الغربية أبداً.

يطالب المليون والثمانماية ألف فلسطيني في غزة الذين جعلوا غزة وطنهم المساعدة من أية جهة تكون على استعداد للإستماع إليهم. ما يحتاجونه ليس فقط إلى سقف يعيشون تحته ولكن الأهم إلى أفق يمكن أن يعطيهم الأمل في المستقبل.  يريد سكان غزة، خاصة الشباب، أن يعرفوا ما يمكن أن يتطلعوا إليه وما يمكن أن يخططوا له.  معظم سكان غزة يرون مستقبلهم في الهجرة إلى بلد ثالث سواء كان قانونياً أو غير قانوني.

لا حماس ولا منظمة التحرير الفلسطينية عملت ما يكفي لإعطاء أهل غزة الأمل حول أين هم ذاهبون.

إن مجموع كل هذه الإحباطات يمكن تلخيصه في عبارة واحدة ترددت مراراً وتكراراً على لسان الفلسطينيين المحاصرين في قطاع غزة ألا وهي:  “لا تنسوا غزة.”

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .