مايو 11 2014

هناك حاجة ماسة إلى وحدة فلسطينيي الشتات

موقع دوت مصر

بقلم داود كُتّاب

أكثر النتائج وضوحاً لفشل محادثات السلام الإسرائيلية الفلسطينية كانت ولا زالت الإدراك بأن الانقسام يضعف إلى حد كبير الموقف التفاوضي الفلسطيني.  الرئيس محمود عباس وفريقه كانوا غير قادرين على الإجابة على السؤال البسيط عما إذا كانوا يتكلمون نيابة عن جميع الفلسطينيين أم لا،  كما وكانت  القيادة الفلسطينية غير قادرة على الإستفادة من أية ضغوط ناجمة على إسرائيل من فلسطينيي الشتات في جميع أنحاء العالم.  الجانب الآخر كان قادراً على إقناع مواطنيه في الشتات للحصول على الدعم والضغط السياسي على حكوماتهم لصالح المواقف الإسرائيلية.

في حين كان موقف القيادة الفلسطينية المنقسم في الداخل ينعكس  بلامبالاة وغياب التنسيق الخارجي بشكل واضح.

لقد أضعف الانقسام الفلسطيني أيضاً أكبر قاعدة نفوذ ألا وهي التضامن الدولي مع الفلسطينيين الذي تأثر سلباً خلال فترة الانقسام. عدم وجود جبهة موحدة فكرياً واستراتيجياً يعني أن الأفراد والجماعات والدول التي قد تكون جزءً من جهود التضامن الفلسطيني هي مهمشة وغير مستخدمة.

الانقسام العميق الذي نتج عن استيلاء حماس بعنف على السلطة في غزة في عام 2007 قد انعكس على كل مجتمعات الشتات الفلسطينية. إن كنت تسافر إلى أي بلد يكون عدد سكان الفلسطينيين فيه كبيراً سوف ترى كيف ينعكس هذا الانقسام في الأحداث المحلية وأنشطة التضامن حتى عندما تتوقع أن كل الفلسطينيين هم على وفاق حول قضية معينة.

في حين كان الإنقسام بين منظمة التحرير الفلسطينية والإسلاميين أكثر الإنقسامات وضوحاً، فإن انشقاقات أخرى أصغر منها ربما كانت ولا زالت واضحة بين فلسطينيي الشتات منذ سنوات. عدم وجود توافق في الآراء بشأن أفضل السبل للمضي قدماً في النضال من أجل فلسطين كان واضحاً في مجتمعات الشتات والأنشطة الطلابية الجامعية وبين مجموعات التضامن.  غياب استراتيجية واضحة متوافق عليها كثيراً ما أدى بالفلسطينيين إلى التكلم سلباً ضد القيادة الفلسطينية سواء في رام الله أو في غزة بأنها “إسترضاء لإسرائيل” أو “عملاء الاحتلال” من جهة أو “عملاء لإيران” Ùˆ”متطرفون دينيون” من جهة أخرى.  شعر الناس الذين يريدون حقاً دعم الفلسطينيين أنهم مضطرون إلى أخذ موقف من أحد الجانبين وإلا سوف لا يكونون محل ثقة أحد.

والآن ومع وضع مصالحة منظمة التحرير الفلسطينية وحماس على المسار الصحيح، فإن السؤال الذي يحتاج إلى الإجابة عليه هو ما إذا كانت هذه المصالحة ستترك تأثيراً على فلسطينيي الشتات بشكل خاص وعلى المؤيدين الدوليين لفلسطين بشكل عام.

رد الفعل الشديد من قبل إسرائيل ومن الأميركيين بدرجة أقل يجب أن يكون خير دليل للجميع على أن محتلي فلسطين وحلفاءهم الرئيسيين ليسوا سعداء من وحدة الفلسطينيين.  بينما الإسرائيليون كثيراً ما انتقدوا عباس بأنه ضعيف وغير قادر على التحدث باسم جميع الفلسطينيين، فإنه بمجرد أن قطار الوحدة وُضع على المسار الصحيح، غيّروا موقفهم وقدموا رفضهم المطلق ضد محاولات توحيد الكلمة الفلسطينية.

يقول نتنياهو أن على الرئيس عباس  أن يختار بين الوحدة مع حماس أو السلام مع إسرائيل. في الواقع، إن ما قاله نتنياهو (وهو مرفوض فلسطينياً) يتضمن إدراكاً بأن الفلسطينيين سيكونون الآن أقوى في سعيهم لتحقيق أهدافهم، الأمر الذي لا يسعد نتنياهو ولا المحتلين.

ورغم ذلك، لا يبدو أن بداية عملية شفاء انقسام القوميين والإسلاميين سيترك أثراً على الإنقسامات الوطنية الأعمق خصوصاً بشأن مسألة الاستراتيجيات على المدى الطويل.  القادة الفلسطينيون في فلسطين ملتزمون بحل الدولتين في حين يفضل العديد من النشطاء في الشتات حل الدولة الواحدة، بغض النظر عما إذا كانت لهذه الفكرة أية فرصة جادة للنجاح في المدى القصير.  من ناحية أخرى، لم تكن القيادة في فلسطين داعمة للوسيلة الأكبر التي يستخدمها ناشطو الشتات، أي وسيلة المقاطعة وسحب الاستثمارات وعقوبات إسرائيل. في ذروة المحادثات الأخيرة،  وخلال تواجده في جنوب أفريقيا رفض الرئيس عباس دعم أية مقاطعة لإسرائيل مفضلاً فقط مقاطعة منتجات المستوطنات الإسرائيلية الأمر الذي أغضب مؤيدي المقاطعة لاسرائيل خاصة من الشباب الفلسطيني في الشتات.

من أجل أن تحقق الوحدة النجاح في الشتات، ينبغي أن تمارس جهود جادة على توحيد الخطط الاستراتيجية والأيديولوجية.  في الواقع، إذا كان سيتم تجديد منظمة التحرير الفلسطينية، يأمل كثيرون أن هذا التجديد لا يقوم على مجرد إعادة توزيع المقاعد بين فتح وحماس بل على إعادة الهيكلة بشكل أعمق بحيث تتضمن ناشطي الشتات من الشباب فضلاً عن الحاجة إلى التوصل إلى اتفاق تكتيكي على أولويات استراتيجية فلسطينية والاتفاق على التكتيكات التي سيتم اتباعها.

 

*الكاتب صحفي فلسطيني

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .