مارس 09 2014

معركة عباس في واشنطن معركة بقائه السياسي

* بقلم داود كُتّاب

يتوقع الفلسطينيون أن يواجه رئيسهم معركة بقائه السياسي عندما يتوجه إلى واشنطن لحضور قمة صعبة مع الرئيس الأميركي باراك أوباما في السابع عشر من آذار.  فمن المتوقع أن يواجه الرئيس الفلسطيني محمود عباس ضغوطاً من الولايات المتحدة لقبول إطار الاتفاقية التي وضعها الأميركي جون كيري. وقد تتضمن الاتفاقية موضوع  “يهودية” الدولة الإسرائيلية في حين سيتم ئأجيل الدخول في تفاصيل الموضوع من خلال الإشارة إليه بعبارات عامة.  وليس واضحاً ما سيقره إطار الإتفاقية بشأن الوجود الطويل لقوات الجيش الإسرائيلي في وادي الأردن.

ومع ذلك، من المتوقع ان يحتوي إطار الاتفاقية الذي ترعاه الولايات المتحدة على بند يكون مخرجاً بحيث يسمح لكلي الطرفين مواصلة المحادثات، إذا ما اختاروا ذلك، دون الحاجة إلى التوقيع عليه وتحمل المسؤولية القانونية لتنفيذ كل بند فيه. فعلى عكس المحادثات التي عقدت في كامب ديفيد في الأيام الأخيرة من رئاسة بيل كلينتون عام 2000، فإن خطة كيري الحالية لا تشمل بنداً حول إنهاء الصراع مما يجعلها في أحسن الأحوال اتفاقية مؤقتة أخرى دون تسميتها هكذا.

الفلسطينيون الذين يعارضون مزيداً من الإتفاقيات المؤقتة تعهدوا علناً عدم مواصلة المحادثات التي من المقرر أن تستكمل في نهاية شهر نيسان/ إبريل. ومن المتوقع أن تتم عملية أخرى من الإفراج عن السجناء في أواخر شهر آذار/مارس، وليس من الواضح ما إذا كان هذا الإفراج الأخير سيكون مشروطاً بكيفية تصرف عباس في  قمة البيت الأبيض.  ومن غير الواضح أيضاً ما إذا كان هذا الإفراج الذي من أجله وافق الفلسطينيون تأجيل طلباتهم للإنضمام إلى وكالات الأمم المتحدة المختلفة (مباشرة أو بعد ذلك بقليل) سيعقبه مجموعة من إعلانات لمستوطنات جديدة. تقول تقارير في إسرائيل أن الحكومة اليمينية الإسرائيلية أقرت زيادة كبيرة في عام 2013 في عدد المستوطنات في الأراضي المحتلة بما في ذلك القدس الشرقية تصل الى ضعف العدد في العام الذي سبقه.

في أفضل السيناريوهات، قد يقبل الرئيس الفلسطيني عباس جزئياً إطار الإتفاقية في حين يرفض علناً بأن يكون الفلسطينيون وحدهم مضطرين إلى الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية. هذا الشرط لم يطرح أبداً أمام المصريين والأردنيين الذين وقّعوا اتفاق سلام مع إسرائيل ولا طلبت إسرائيل من الأمم المتحدة في أي وقت مضى تعديل اسم إسرائيل إلى شيء مثل دولة إسرائيل اليهودية.  وقال عباس إن حكومته ستعترف بأي اسم يعطى لاسرائيل في هذه الهيئة الدولية.

السؤال الأكثر تعقيداً الذي يواجه عباس هو ما سيحدث في اليوم التالي للنهاية المقررة للتسعة الأشهر المتفق عليها من مفاوضات السلام المباشرة.  يقول الفلسطينيون إنهم ليسوا تحت أي التزام بعدم تنفيذ حقهم في الانضمام إلى وكالات الأمم المتحدة المختلفة بما في ذلك المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي أو في الاتحاد الدولي للاتصالات ذي النفوذ الفعال الذي هو أحد أقدم الوكالات الدولية في العالم والذي يضع المعايير لجميع البلدان في ما يخص مجالات هامة مثل ترددات الهاتف الخليوي والراديو والتلفزيون.

المسؤولون الفلسطينيون كانوا وما زالوا يصرحون علناً أنه لا توجد خطط لتمديد مفاوضات السلام.  بينما صدرت هذه التصريحات من قبل قيادات من الدرجة الثانية فإن عباس نفسه كان صامتاً حول هذا الموضوع تاركاً المجال مفتوحاً بأن تمديد المفاوضات هو أمر ممكن في حال جرت تغييرات ملموسة على الأرض لمواجهة الانتقادات العاصفة التي سيواجهها داخل حركته ناهيك عن  الجهات السياسية الفلسطينية الأخرى. وقد اقترح البعض إطلاق سراح مجموعة إضافية من السجناء الذين قضوا سنين طويلة في السجن وخاصةهؤلاء المرتبطين بمنظمة التحرير الفلسطينية يمكن أن تكون مفيدة في موضوع تمديد المفاوضات. واقترح آخرون أن تقوم إسرائيل  بنقل مناطق خاضعة لسيطرتها للحكومة الفلسطينية وخاصة في مناطق (ج) حيث الجيش الإسرائيلي لديه السيطرة الكاملة.

يصر الفلسطينيون أيضاً أن تجميد الاستيطان أمر لا بد منه خاصة في المناطق التي توافق عليها جميع الأطراف بأن تكون جزءً من الدولة الفلسطينية.  فكرة أخرى يمكن أن تقنع الفلسطينيين المتشككين تتعلق بقطاع غزة المحاصر.  رفع الحصار عن قطاع غزة الذي هو أمر ممكن بعد إعادة نشر الحرس الرئاسي على معابر رفح وبيت حانون سيشكل دفعة عملية وعاطفية كبيرة بالنسبة للفلسطينيين، ويمكن أن يساعد في إضعاف قبضة حماس على قطاع غزة.  الإتفاق المتكرر بين إسرائيل والفلسطينيين برعاية الولايات المتحدة يضمن الحقوق في حرية تنقل الأشخاص والبضائع بين غزة ومصر وبين غزة والضفة الغربية.

كانت ولا زالت إدارة أوباما تؤيد قيام دولة فلسطينية متواصلة جغرافياً. والسماح بالتنقل بين الأراضي المذكورة في إتفاقيات أوسلو “كوحدة واحدة” سيقطع شوطاً طويلاً في إثبات أن عملية السلام يمكن أن تسفر عنها نتائج ملموسة.  مثل هذه الخطوة قد تضر في محاولات إسرائيل الاستراتيجية بعزل غزة عن الضفة الغربية ولكن في الواقع يمكن أن تتم بطريقة ما بحيث لا تسبب أي ضرر أمني لإسرائيل بينما يُسمح للقيادة الفلسطينية مواصلة المفاوضات حول تطبيقات إطار الإتفاقية.

*الكاتب صحفي فلسطيني مقيم في عمان والقدس

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .