يوليو 29 2013

المحكمة الأميركية ترفض ربط القدس بإسرائيل

* بقلم داود كُتّاب

تعمل في مدينة القدس العديد من البعثات الدبلوماسية التي تُعرف رسمياً بالقنصليات العامة وتشمل الولايات المتحدة ومعظم الدول الأوروبية الغربية والإسكندنافية وكذلك تركيا.

تقدم هذه البعثات الدبلوماسية تقاريرها مباشرة إلى عواصمها وهي ليست مسؤولة رسمياً أمام نظرائها من بعثات بلادها الدبلوماسية في إسرائيل ومؤخراً في رام الله.

استمرت هذه الممارسة منذ الحكم التركي في فلسطين والمنطقة في القرن التاسع عشر.

بعد قيام دولة إسرائيل في عام 1948 ظلت هذه البعثات تعمل غالباً في القدس الشرقية (بعضها، مثل الأميركيين لها أملاك في القدس الغربية) واستمرت في العمل بعد احتلال شهر حزيران عام 1967.

في حين أن هذه البعثات كانت غالباً تخدم المجتمع الفلسطيني سياسياً وثقافياً وكل ما يتعلق بالشؤون القنصلية، فإن الفرق الوحيد بعد عام 1967 كان أن هذه البعثات وسعت خدماتها القنصلية لجميع سكان القدس.

واصلت القنصلية الأميركية في القدس الشرقية تقديم الخدمات القنصلية والثقافية في حين أصبح البناء الذي كان يملكه الأميركيون في القدس الغربية مقر إقامة القنصل العام وفي وقت لاحق ضم كرافانات وفرت مساحة إضافية لمسؤولي الوكالة الأميركية للتنمية الدولية العاملة في المناطق الفلسطينية. 

اقتصرت الشوؤن القنصلية المتعلقة بالمواطنين الأميركيين الذين يعيشون في القدس الكبرى بالإضافة إلى بقية الضفة الغربية (لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين) على القنصلية في شارع نابلس في القدس الشرقية.

رغم النداءات العديدة من قبل الكونغرس لنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، فإن السلطة  التنفيذية في واشنطن رفضت تطبيق التنازلات لصالح إسرائيل المنصوص عليه في قوانين الكونغرس مصرين على الإبقاء على الوضع الراهن.  فطالماً أن وضع القدس كان من بين بنود جدول الأعمال للوضع النهائي، فإن الولايات المتحدة رفضت تحديد الدولة التي تنتمي إليها المدينة المقدسة.

لذلك امتنع مسؤولون دبلوماسيون أميركيون عن تحديد بلد الولادة عندما كان الأمر يتعلق بأي أميركي ولد في القدس، سواء كان من خلفية يهودية إسرائيلية أو من خلفية عربية فلسطينية.

السياسية الرسمية للبعثة الأميركية في القدس رفضت تحديد بلد الميلاد، (لا إسرائيل أو فلسطين)ØŒ لأولئك الذين ولدوا في القدس وجاءت بخطوة دبلوماسية ذكية بديلة إذ وضع المسؤولون الأميركيون تحت خانة مكان الولادة “القدس”.

نجحت هذه التسوية الدبلوماسية لبعض الوقت إلى أن أقر الكونغرس الأميركي قانوناً متعلقاً في هذا الشأن ولصالح تسجيل في خانة مكان الولادة القدس-إسرائيل.  وأراد زوجان إسرائيليان أميركيان أن يُذكر بلد ميلاد طفلهم بأنه القدس – إسرائيل.  رفض مسؤولون أميركيون هذا الطلب قائلين إن هذا الأمر يقع على عاتق السلطة التنفيذية التي تقرر السياسة الخارجية ولا تقررها السلطة التشريعية.

اقترح الزوجان الإسرائيليان الأميركيان الغاضبان بأن يُعطى الأميركيون الخيار في كتابة بلد ولادتهم ليكون القدس أو إسرائيل. مرة أخرى، رفض البيت الأبيض والوزارة الخارجية الأميركية هذا الطلب، حيث شعروا بأن هذا الاختيار لا يمكن أن يعطي الفلسطيني الأميركي  حقاً متساوياً مع اليهودي الأميركي.  فلا يمكن قانونياً أن تُذكر فلسطين كبلد ميلاده وبالتالي، فإن إدراج الإسرائيليين فقط الذين ولدوا في القدس على أنهم ولدوا في إسرائيل يعتبر بوضوح تمييزاً ضد الفلسطينيين.

رفضت العائلة اليهودية الأميركية الأمر ورُفعت قضية وصلت مؤخراً الى محكمة الاستئناف الأميركية.

راجعت محكمة الاستئناف الأميركية لمقاطعة كولومبيا قضية مناحيم بنيامين زيفوتوفسكي التي رفعها والداه ضد وزارة الخارجية الأميريكية، وقررت في 23 تموز/ يوليو أن ” الأميركيين المولودين في القدس، سواء كانوا من مؤيدي إسرائيل أو من أنصار فلسطين، لا يجوز أن يستخدموا جوازات سفرهم لتقديم تصريح سياسي”.

كما أكدت المحكمة من جديد أن السلطة التنفيذية وليس السلطة التشريعية من حكومة الولايات المتحدة هي التي تقرر في قضاية الإعتراف بالدول الأجنبية وبذلك حسم الموضوع الحساس نهائياً لصالح البيت الأبيض والخارجية.

اللوبي المؤيد لإسرائيل الذي لديه سيطرة على الكونغرس أكبر من البيت الأبيض (وخاصة من رئيس في ولايته الثانية)، بلا شك غير راض عن هذا القرار وقد هاجمه أب فوكسمان رئيس إحدى أكبر الجماعات اليهودية الأميركية رغم أن الإعلام الأميركي تجاهل هذا القرار المهم.

توقيت هذا القرار هو في غاية الأهمية في وقت ستكون فيه قضية القدس بالتأكيد موضوعاً رئيسياً للمناقشة إذا تم إطلاق المفاوضات المتوقعة بين الإسرائيليين والفلسطينيين في الأسابيع والأشهر المقبلة.

إن قرار محكمة أميركية لإبعاد صراع متقلب مثل الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين وقضية القدس الأكثر حساسية مهم ومرحب به فلسطينياً وقد يسهل في موضوعي القدس والإعتراف في فلسطين.

*الكاتب صحفي فلسطيني مقيم في القدس وعمان

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .