يوليو 07 2013

العرب يحتاجون إلى تعديل مشابه للتعديل الأول الأميركي

نشرت بواسطة الساعة 1:26 م تحت فئة مقالاتي,اﻷردن -

* بقلم داود كُتّاب

تحتفل الولايات المتحدة الأميركية هذه الأيام بعيد الاستقلال الأميركي ولا بد من الاهتمام بإحدى أكثر المساهمات الأميركية أهمية للعالم ألا وهي التعديل الأول للدستور.

لأولئك الذين ليسوا على علم به، إليكم النص الدقيق للتعديل الذي اعتمد في عام 1791 والذي يشكل جزء من عشرة تعديلات يطلق عليها قائمة الحقوق الأميركية:

” لا يصدر الكونغرس أي قانون خاص بإقامة دين من الأديان أو يمنع حرية ممارسته أو يحد من حرية الكلام أو الصحافة أو من حق الناس التجمع سلمياً وتقديم التماس إلى الحكومة لتصحيح المظالم” .

في وقت يبدو فيه الدين أكبر عقبة أمام التقدم في العالم العربي قد يكون الحصول على التعديل الأول كبند في جميع الدساتير العربية أمراً رائعاً.  فشل الإخوان المسلمين في السنة الأولى من الرئاسة في مصر والذي جاء بعد  فشل حركة حماس في غزة وإشعال الطائفية في سوريا والعراق والبحرين، على سبيل المثال، يكفي لأن يحلم المرء بهيكل جديد للحوكمة في العالم العربي لا يستند على ولا ينطوي على الدين أو ينحاز إلى أحد الجانبين في صراع طائفي ديني.

التعديل الأول للدستور الأميركي هو أيضاً مصدر كبير للإلهام والدعم من أجل حرية التعبير وحرية وسائل الإعلام وحق الناس في تنظيم احتجاجات سلمية.  عدم إعطاء المشرعين الفرصة لتمرير قوانين مقيدة لوسائل الإعلام قد تقطع شوطاً طويلا في زرع بشكل دائم بذور الحرية في التعبير والإعلام المكفولة في المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تنص على أن “لكل إنسان الحق في حرية التعبير ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها دون مضايقة من خلال أية وسيلة إعلامية بغض النظر عن الحدود “.

مع ضمان دستوري كهذا فإننا قد نصل الى نهاية حقبة حزينة من القوانين المتعلقة بوسائل الإعلام التي تعطي الحكومات احتكار موجات الأثير وتضع بروتوكولاً مقيداً ​​للصحف والصحفيين وتعطي نقابة رسمية الحق في ترخيص العمل الصحفي.

على سبيل المثال، فقد تم تعديل قانون المطبوعات والنشر الأردني 12 مرة خلال السنوات القليلة الماضية. نتج عن التعديل الأخير إجراء غريب وغير قابل للتنفيذ في عملية الترخيص للمواقع الإخبارية الإلكترونية والذي لا وجود له حتى في أكثر الأنظمة قمعاً في العالم. بعد الحجب الأولي لحوالي 300 موقع، حجبت هذا الأسبوع دائرة المطبوعات والنشر ستة عشر موقعاً أخرَ بما في ذلك موقع المدونات 7iber.com .

الغريب في إجراء ترخيص المواقع هو غموضه وتعسفه.  ينص التعديل على قانون المطبوعات والنشر بوضوح على أن أي موقع يتعامل مع الأخبار والآراء الأردنية يجب أن يكون مرخصاً، وحتى يكون مرخصاً يجب على صاحب الموقع أن يعين صحفياً كمحرر للموقع. وعلى ذلك الصحفي أن يكون مخضرماً وعضواً في نقابة الصحافة لمدة أربع سنوات على الأقل. تعترف نقابة الصحافيين الأردنية فقط بالصحفيين الذين يعملون لصالح وسائل الإعلام المطبوعة ووكالة الأنباء الأردنية (بترا) وبالمحريرن في مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الأردنية. هناك صحفيون عاملون في الأردن اليوم بما في ذلك أولئك الذين يعملون في الإذاعات والتلفزيونات الخاصة والانترنت يعملون دون أن يسمح لهم بالدخول في هذه النقابة المنغلقة وعددهم أكثر من أولئك المنضمين  فيها.

عندما سئل فايز الشوابكة، رئيس دائرة المطبوعات والنشر، كيف يقرر من هو الذي ينبغي أن يحصل على ترخيص عكست إجابته غموض القانون.  وقال إن غوغل ومواقع وسائل الإعلام الإجتماعية والمدونات لا تتطلب أن تكون مرخصة على الرغم من أنهم يتعاملون مع الأنباء الأردنية كما يقول القانون. في الدفاع عن موقفه قال إن الحكومة في المناقشات البرلمانية صرحت بهذا. وعندما سئل لماذا لم يتم حجب موقع 7iber قال إنه سوف يتحقق من هذه المسألة وهكذا وفي اليوم التالي تم حجبه. عندما سئل لماذا حجب موقع المدونات أكد على أن المدونة هي موقع فردي خاص في مجموعة غير علنية وموقع 7iber لديه أكثر من كاتب واحد، وبالتالي فإنه يندرج ضمن ما جاء في تفسيره بضرورة أن يكون مرخصاً. في نفس اليوم حجب الشوابكة النسخة عن موقع عمان نت الأصلي للمرة الثالثة. تم إقامة نسخة آخرى في غضون 10 دقائق مما يجعل مثل هذه المحاولات لتكميم أفواه وسائل الإعلام الإلكترونية أضحوكة.

جلب هذا التعسف وتلك القيود بما في ذلك البند في القانون الذي يحمّل أصحاب المواقع والمحررين المسؤولية عن التعليقات إدانة للأردن من قبل مؤسسات حقوق الإنسان المحلية والإقليمية والدولية ومنظمات حرية وسائل الإعلام.

وبعض البرلمانيين الليبراليين الأردنيين مقتنعين الآن أنه بدلا من تعديل هذا القانون المقيد ​​للصحافة، فإن أفضل طريقة للمضي قدماً هو إلغاؤه تماما. مثل هذه الأفكار مشجعة ولكنها هي خطوة طويلة الأمد في بلد تشعر فيه الحكومة أن لديها الحق والواجب للسيطرة على التدفق الحر للمعلومات. الحل القوي والدائم قد يكون من خلال تعديل دستوري مشابه للتعديل الأول والذي سيحرم الحكومات والبرلمانات العربية من التدخل في تقييد حرية الفكر ونقل المعلومات والآراء.

فيما يحتفل الأميركييون  بالذكرى ال 237 من إعلان استقلالهم، فإنه جميل أن نتذكر بعضاً من مبادئهم التأسيسية مثل حرية الدين والتعبير على النحو الوارد في التعديل الأول، فالمهم ليس فقط تكرار الأخطاء الفادحة في السياسة الخارجية بل من المهم الرؤية الشمولية لنظام حكم ناجح وكيف تم صياغة القيود للحد من تدخل المشرعين في الفكر والإعلام والعقيدة.

*صحفي فلسطيني مقيم في القدس وعمان

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .