مايو 14 2013

مقدسيون بدون قادة يتطلعون إلى فياض

*  بقلم داود كتاب

الفلسطينيون المقيمون في القدس منذ سنوات عدة والمحصورون بين القرار الإسرئيلي الأحادي الجانب بضم القدس الشرقية إلى المدينة وعدم قدرة القيادة الفلسطينية في رام الله في مساعدتهم كانوا ولا يزالون يشعرون بالإحباط.

 لم تجد القيادة المحلية في القدس طريقاً لها للمضي قدماً، ويعود ذلك جزئياً إلى غياب أية آلية للسياسات الإنتخابية.  منذ وفاة فيصل الحسيني لم يبرز أي قائد أو أية هيكلية قيادية للمدينة التي ستصبح عاصمة فلسطين.  هذا الفراغ في القيادة لم يغب عن كثيرين وغالباً عن أفراد يسعون إلى تحقيق مكاسب شخصية.  

في حين لم يبرز على الساحة أي شخص أو أية هيئة قيادية فإن العشرات من المجموعات والتجمعات قد ظهرت بحكم الأمر الواقع وفي كثير من الأحيان حول فئات اجتماعية أو حول أحياء سكنية.  قامت بعض هذه الجماعات بأعمال إيجابية للنهوض بمجتمعاتهم المحلية ولكن آخرين حققوا ثروة شخصية. لعب غياب سيادة القانون وغياب ثقافة التعاون الوطني التطوعي دوراً لصالح هذه العصابات التي كانت في وقت ما تروّع السكان.

 لم تفعل الهيئات التي كانت موجودة لعقود من الزمن أفضل من ذلك بكثير حيث أن غياب القيادة أدى إلى خلق إقطاعيات يديرها أفراد مستبدون والذين غالباً ما يسعون إلى الحصول على تمويل عربي ودولي ويحكمون مؤسساتهم على أساس قدرتهم في جمع الأموال ودفع الرواتب.  وقد ارتفع الفساد المؤسسي بسبب التناقض الموجود في القدس.  من ناحية، ينبع التناقض من حقيقة أن إسرائيل التي تسيطر بشكل فعال على  مناطق القدس الشرقية تعارض بعنف قيام عاصمة لدولة الفلسطينيين في المدينة.

والتناقض يكمن في اهمال شؤون المقدسيين من قبل المحتل الإسرائيلي وعدم قدرة القيادة الفلسطينية في رام الله وغزة من تنفيذ أية سياسة بسبب القمع الإسرائيلي ضد أية أنشطة نابعة من أية جهة قيادية فلسطينية كانت وطنية أو إسلامية.

التناقض نفسه موجود أيضاً من حيث القاعدة البسيطة في مسائل سيادة القانون.  فإذا ظُلم مقدسي من قبل مقدسي آخر أو من قبل مؤسسة فلسطينية فإنه هو أو هي لديه قليل من الجهات يلجأ إليها. الجو السائد يجعل من غير المقبول سياسياً مقاضاة زميلاً فلسطينياً أو مؤسسة مقدسية لدى المحاكم الإسرائيلية.  وبالتالي فإنه لا يبقى أمام المتضرر إلا أن يحاول رفع قضيته أمام السلطة الرسمية أو غير الرسمية في رام الله.  وفي رام الله، هناك شعور من اللامبالاة والإنهاك بسبب القضايا العديدة المعلقة، إذ أن القيادة الفلسطينية حتى لو حكمت لصالح شخص معين، فهي غير قادرة على تنفيذ ذلك القرار بسبب منع إسرائيل أن يكون للسلطة أي وجود فعلي في المدينة.

في الثمانينات من القرن الماضي، عمل بيت الشرق- بعد أن أعاد فيصل الحسيني فتحه وإحياءه  لبعض الوقت- كمركز لقيادة محلية وذلك من خلال الاستماع الى مشاكل المواطنين، وقد تم حل بعض القضايا بفضل نفوذ وكاريزما القائد فيصل الحسيني، إبن الشهيد البطل عبد القادر الحسيني.

إن إغلاق الإسرائيليين بيت الشرق وغرفة تجارة القدس  ومؤسسات وطنية أخرى ووفاة الحسيني غير المتوقعة بسبب نوبة الربو أثناء وجوده في الكويت قد تركا حرفياً أكثر من 300  ألف مقدسي أيتاماً.

 لقد أحيا الاتفاق الأخير بين منظمة التحرير الفلسطينية والأردن بشأن الأماكن المقدسة في القدس آمال المقدسيين في إمكانية إيجاد صيغة من شأنها أن تسمح لجهة محترمة مثل الأردن مساعدة فلسطينيي القدس  الأيتام.  ومع ذلك، فإن الأردن يملك السلطة ومعظمها من خلال وزارة الأوقاف الأردنية التي لا تزال تعمل في القدس وتشارك إلى حد كبير في أمور تتعلق بالمسجد الأقصى ومؤسسات الوقف الإسلامي (ومعظمهم من المدارس) والأملاك الوقفية.  وهكذا فإن الوقف الإسلامي الذي هو جهة غير منتخبة (مثل الباقين بما في ذلك الكنائس والجمعيات الخيرية) لم يشهد ضخ أية دماء جديدة منذ سنوات.  إن وجوده في السلطة لفترة طويلة يؤدي بطبيعة الحال إلى الممارسات الفاسدة حيث أن عملية المساءلة موجودة في بلد آخر لا يمكن الوصول إليها بسهولة. بعض المقدسيين يأملون أن يأخذ الديوان الملكي دوراً مباشراً بدلا من وزارة الأوقاف في تنفيذ القضايا المتفق عليها حول القدس بين الملك والرئيس عباس.

 إن المسائل المتعلقة بإدارة شؤون القدس تميل دائماً إلى أن تعود الى ساحة القيادة المحلية. فمع رفض الفلسطينيين المشاركة في انتخابات البلدية لما يسمى بالمدينة الموحدة، فإنه توجد فرص قليلة للمساعدة في توحيد السكان.  لقد أحيت استقالة رئيس الوزراء سلام فياض الأخيرة الأمل عند بعض المقدسيين إذ أن هذا القائد الفلسطيني الأكثر احتراماً الذي يعيش في المدينة وزوجته مقدسية يمكنه أن يساعد أهل القدس في  تصميم نظام حكم يمكن أن يساعد في معالجة العديد من المظالم وفي وضع خطط استراتيجية وطنية فلسطينية لنمو وازدهار المدينة.

عندما اقترحت على فياض الفكرة أعرب عن استعداده للمساعدة طالما أن هنالك طلباً مشروعاً من أهل القدس للقيام بذلك.  ومع معاناة المدينة منذ عقود من الزمن من دون قائد ومع قائد يحظى باحترام كبير سيصبح في غضون أسابيع بدون عمل يشعر البعض أن هذا قد يكون توافقاً ناجحاً.

*  الكاتب مقيم في القدس وعمان

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .