ديسمبر 24 2012

رفض محاولات تقييد المواقع الإلكترونية

بقلم داود كتاب

من ضمن أهم الحقوق التي حققتها المظاهرات العربية في العامين الماضيين هي حرية التجمع والتعبير. فقد تجمع الملايين من العرب في الساحات والميادين تطالب بوضع حد للقوانين الاستبدادية وبالاشتراك في عمليات صنع القرار السياسي في بلدانهم.

جلب الربيع العربي إلى جانب حرية التجمع مزيداً من حرية التعبير. استخدم الشباب وسائل التواصل الإجتماعي بنجاح للتنظيم والتعبير عن أنفسهم.  شهدت أيضاً وسائل الإعلام التقليدية المطبوعة والإذاعة والتلفزيون (خاصة المحطات الفضائية) زيادة ملحوظة في سقف الحريات، والأهم من ذلك، تراجعاً للتدخل الحكومي.

وبسبب الربيع العربي، شعر الصحفيون (سواء التقليديين منهم أو الصحافيين الإلكترونين والمدونين) بقوة أكثر لقول الأشياء وتغطية القضايا التي كانت تعتبر من المحرمات.

في بعض الدول العربية، مثل ليبيا وتونس واليمن، شعر أصحاب المشاريع الإعلامية بشجاعة كافية لبدء محطات إذاعية خاصة بهم حتى قبل أن تقر السلطات الجديدة في بلادهم قوانين المرئي والمسموع.  وفي بلدان أخرى مثل مصر والأردن، نمت وازدهرت وسائل الإعلام على شبكة الإنترنت بسرعة أيضاً، من صحف وتلفزيونات ومحطات إذاعية إلكترونية.

ولكن هناك محاولات الآن لفرض تراجع عن بعض الإنجازات المتعلقة بحرية التعبير، خاصة تلك المتعلقة بالانترنت. وحجة الحكومات في هذا الشأن هو أنها ترغب في تنظيم وسائل الإعلام عبر الإنترنت، وليس تقييد الحريات حيث تقول إن الانتشار العشوائي للمواقع الإخبارية الإلكترونية والتعليقات المجهولة الهوية تشجع على اغتيال الشخصية وتشويه صورة الأفراد دون دليل أو فرصة للطرف المتضرر بالدفاع عن نفسه بشكل صحيح.

وعلاوة على ذلك، تدعي الحكومات بأن عدداً من المواقع الإخبارية الإلكترونية تبتز الأفراد والشركات من خلال تهديدهم بتلفيق أخبار عنهم ما لم يوافقوا على شراء مساحات إعلانية أو تقديم مكافآت مالية من نوع آخر.

إن القانون المعدل لقانون الصحافة والمطبوعات في الأردن أصبح قانوناً نافذاً وذلك في السابع عشر من شهر أيلول الجاري.  يلزم القانون الجديد كل أصحاب المواقع الإخبارية الإلكترونية بالتسجيل والترخيص بموجب النظام الأساسي للصحف، وإلا ستتعرض للحجب  بأمر المحكمة.  أما المواقع الأجنبية غير المسجلة فيمكن حظرها من خلال قرار إداري.

أعربت مؤسسة مراسلون بلا حدود عن “قلقها العميق” بشأن القانون الجديد. وقالت “إن هذه القيود الجديدة المفروضة على حرية التعبير، والتي تؤثر على وسائل الإعلام الإلكترونية على وجه الخصوص، قد وضعت جانباً الوعود بالإصلاح التي قدمتها الحكومة في ذروة الربيع العربي في عام 2011”.

وتضيف المنظمة “إن القانون الذي يفرض على 220 موقعاً إخبارياً في الأردن الحصول على اعتماد من الحكومة لتبقى على الإنترنت مصمم بحيث يشدد الرقابة على وسائل الإعلام وبشكل خاص الإعلام الإلكتروني في وقت أدت فيه الشبكة العنكبوتية دوراً مهماً في تعبئة الشعوب العربية وإعلامها”.

وقالت هيومن رايتس ووتش ومقرها نيويورك إن أخطار التعديلات على قانون الصحافة والمطبوعات تنبع من التعريف المبهم لتعريف ‘المطبوعات الإلكترونية’ الخاضعة للقانون، وتنبع من قدرة السلطة التنفيذية على حجب المواقع، والقيود غير المعقولة على المحتوى الإلكتروني، بما في ذلك التعليقات التي ينشرها مستخدمو المواقع.

إن الصحفيين والسياسيين ونشطاء المجتمع المدني في الأردن والعالم العربي يرفضون محاولات تكميم وسائل الإعلام الإلكترونية، ويقولون إنهم يفضلون التنظيم الذاتي بدل قيود تفرضها الحكومة. وفي الأردن عرض أصحاب المواقع أن يسجلوا مواقعهم كوسيلة تمكن هؤلاء الذين يتم مهاجمتهم خطأً بمقاضاة المسيئين إليهم. يصر باسل العكور، صاحب موقع 24Jo وأحد قادة الاحتجاجات الأردنية على الانترنت، على رفض الحصول على ترخيص. “إن التقدم بطلب للحصول على ترخيص يمنح الحكومة الحق في قبول من تشاء ورفض من تشاء.”

جدد العكور إلى جانب أصحاب مواقع إلكترونية أخرى الإعلان عن عصيان المواقع الإخبارية لتنفيذ بنود القانون مؤكداً أنهم سيمتنعون ككتلة واحدة عن التسجيل رفضاً لهذا القانون الذي حدد فترة 90 يوماً لتصويب أوضاعهم.  ودعوا رفضهم للتسجيل “بالعصيان الإلكتروني.”

باشر الصحفيون ونشطاء المجتمع المدني في الأردن احتجاجاً مدته ساعتان يومياً في شارع الصحافة بعمان، وقد استقطب تأييداً واسع النطاق من مختلف قطاعات المجتمع الأردني.

ويقول الكتاب والنشطاء إنهم يخشون أن يكون الهدف الحقيقي للحكومة هو وقف المواقع من فضح الفساد والتجاوزات الحكومية.

إن تطبيق الحكومات أنظمة مقيدة وإجراءات عقابية فردية يهدف الى ما تعتبره الحكومة وسيلة لتعليم الدروس.  كما يتم اعتقال المتظاهرين بتهمة “إطالة اللسان أو العمل من أجل تغيير النظام”ØŒ في حين يتم تقييد المواقع الإلكترونية الآن بموجب قانون يجبر أصحاب المواقع أن تكون مسؤولة عن التعليقات الواردة في تقاريرها الإخبارية.

إن السيطرة على الفكر والرأي هو أمر مستحيل في عالمنا المتصل ببعضه اليوم.  فالأردنيون والعرب وغالبيتهم تحت سن الخامسة والعشرين، قادرون أن يتغلبوا بسرعة على حصار مباشر للمواقع الإلكترونية من خلال تجاوزها إلكترونياً، ولكن ما يجرحهم أكثر من الحجب هو أن الحكومة لا تثق بأنهم ناضجون كفاية للتعامل مع  مضمون المحتوى الإلكتروني بنضج ومسؤولية.

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .