أكتوبر 16 2012

حمى الإنتخابات المحلية تجتاح الضفة الغربية

* داود كتاب

تجتاح حمى الإنتخابات أكثر المدن الفلسطينية.  ومع ذلك، فإن الانتخابات المقرر حدوثها في العشرين من شهر تشرين الأول/أكتوبر ستكون فقط انتخابات للبلديات وستجري فقط في معظم مدن الضفة الغربية (لن يسمح للمقدسيين أن يشاركوا) وسوف تشهد مقاطعة للحركة الإسلامية.

آخر مرة شهدت فيها فلسطين انتخابات كان في عام 2006 عندما اجتاح المرشحون الموالون لحماس الانتخابات البرلمانية.  وقبل ذلك بعام، فازت قوائم موالية لحركة حماس العديد من المواقع البلدية في الضفة الغربية وغزة.

كان من المقرر أن تجرى الانتخابات المحلية للمناطق الفلسطينية بأكملها في السابع عشر من شهر تموز/يوليو 2010.  ومع ذلك، فإن لجنة الانتخابات المركزية كانت غير قادرة على العمل في قطاع غزة، مما أدى بالحكومة الفلسطينية إلى أن تعلن في الخامس والعشرين من شهر نيسان/إبريل من ذلك العام أنه سيتم تأجيل الانتخابات في قطاع غزة.  ونتيجة للإلغاء، صدرت عدة دعاوى قضائية ضد الحكومة. وفي الثالث عشر من شهر كانون الأول/ديسمبر، قضت المحكمة العليا الفلسطينية بأن إلغاء الانتخابات كان غير قانوني. أعلنت الحكومة الفلسطينية في وقت لاحق أنه قد تعقد الانتخابات المحلية في عام 2011.  وكانت الانتخابات قد تقررت بداية في التاسع من شهر تموز/يوليو، على أمل أن عملية المصالحة من شأنها أن تسمح بمشاركة سكان غزة.  وقد أدى عدم التوصل إلى أي اتفاق إلى قرار التأجيل في شهر آب/أغسطس 2011.

تلقت لجنة الإنتخابات المركزية أخيراً في العاشر من شهر تموز/يوليو قرار مجلس الوزراء الفلسطيني بإجراء الانتخابات على الصعيد الوطني في العشرين من شهر تشرين الأول/أكتوبر، من عام 2012.  إن رفض الحكومة في غزة وكذلك مؤيدي حماس يعني أن الانتخابات ستجرى فقط في مدن الضفة الغربية دون مشاركة معظم مرشحي حماس على الرغم من أن بعض الإسلاميين سيشاركون كمستقلين.

إن الانتخابات هي دائماً مقياس لنبض الرأي العام، إلا أن الانتخابات المقبلة سيكون لها بلا شك دور أكبر في تقييم قوة حركة فتح بالمقارنة مع وزنها النسبي ضد الحركة الإسلامية.

وفي ما يتعلق بفتح، فإنه سيجري مرة أخرى اختبار انضباطها الداخلي، وهي المشكلة الأساسية التي تسببت في خسارتها انتخابات عام 2006.  وبينما تنتشر قوائم فتح في جميع أنحاء الضفة الغربية، فإن عدداً من القوائم المكونة من رموز حركة فتح تم اعلانها في المناطق الصغيرة والكبيرة. أمرت القيادة المركزية لحركة فتح جميع القوائم غير الرسمية بسحب ترشيحهم وإلا سوف يفقدون عضويتهم في الحركة؛ تشبث عدد قليل بالقوائم وهم يعرفون أنه إذا ما فازوا فإن فتح في النهاية سوف تتصالح معهم.

كما وصرح أمين مقبول، الأمين العام للمجلس الثوري لحركة فتح، لوكالة معان للأنباء، إن اللجنة المركزية  لحركة فتح قد طردت 18 مسؤولاً رفيعي المستوى بسبب ترشحهم خارج قوائم فتح في الانتخابات المحلية.

ولعل الخلاف الأكثر وضوحاً يكمن في ثاني أكبر المدن الفلسطينية (بعد القدس) هي مدينة نابلس. رشح غسان الشكعة رئيس البلدية الأسبق وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية نفسه بشكل مستقل عن لائحة التنمية والاستقلال الرسمية لفتح.

في الخليل، هناك مزيج من الارتباك واللامبالاة إذ يبدو أن مستوى المنافسة قد فقد بريقه بسبب عدم وجود أية قائمة إسلامية رسمية. من المتوقع أن تفوز القائمة الموالية لفتح برئاسة داود الزير بسهولة.  وفي قرية الظاهرية المجاورة اتفق المجتمع المحلي على قائمة موحدة وبالتالي لن تحدث هناك أية منافسة.

والخلاف يمكن أيضاً لمسه في بيت لحم حيث تدعم فتح قائمة ترئسها أستاذة جامعية غير معروفة سابقاً. وهناك ما لا يقل عن ثلاث قوائم أخرى يرئسها أفراد انحازوا سابقاً مع حركة فتح، كبرى فصائل منظمة التحرير الفلسطينية.

وفي حين يتعين على جميع القوائم أن تشمل ثلاث نساء على الأقل، فإن اللائحة المدعومة رسمياً من قبل حركة فتح في بلدية بيت لحم ترئسها امرأة.  إن فيرا بابون، وهي أرملة وأم لخمسة أطفال وناشطة في القضايا الاجتماعية والمجتمعية، تتحدى الناشطين السياسيين ذوي الخبرة الطويلة في الشؤون السياسية والبلديات والمنحازين سياسياً إلى الخط الرئيسي لمنظمة التحرير الفلسطينية.  اتحدت الحركات اليسارية في عدد من المناطق المحلية وأبرزها بلدية بيت جالا التي تضم ائتلافاً يمثل مختلف الأحزاب والفصائل بما في ذلك رموز الجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية وحزب الشعب وشيوعيين سابقين.

إن إجراء الانتخابات في وقت غامض سياسياً كهذا هو دفعة لرئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض الذي يبدو أنه قد صمد خلال الاحتجاجات في الشهر الماضي، وعلى الأرجح أنه سيصمد في فترة الرحيل المتوقع للزعيم الفلسطيني محمود عباس. إن المعنى الضمني وراء إمكانية نجاح الانتخابات المحلية يكمن في أن القضايا الاقتصادية والمحلية تتقدم على القضايا الوطنية والسياسية.

* صحفي فلسطيني

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .