سبتمبر 30 2012

رومني يكشف الحقيقة المحزنة للمواقف الأميركية تجاه الفلسطينيين

بقلم داود كتاب

للمرة الثانية في أقل من ثلاثة أشهر وصف قائد حزب رئيسي في الولايات المتحدة صورة الفلسطينيين النمطية مستخدماً تعابير تصفهم بأنهم عنصريين ومعارضين السلام. إن الكشف عن موقف ميت رومني حول السياسة الخارجية تجاه الفلسطينيين قد سلط الضوء على الفجوة بين السياسات المعلنة والحقيقة. ‘شرح رومني في القدس في هذا الصيف لمموليه الأثرياء أن الثقافة الفلسطينية هي السبب في أنهم أقل شأناً من الإسرائيليين/اليهود لأن دخل الفرد لأولئك هو أكبر بكثير من دخل الفرد الفلسطيني. ‘لم تتم الإشارة إلى أن الفلسطينيين كانوا ولا يزالون يعيشون تحت احتلال عسكري ‘منذ أربعة عقود.
لقد تم التعبير عن موقف مماثل للصورة النمطية هذه في شهر أيار/مايو الماضي عندما خاطب رومني مجموعة من المتبرعين في الولايات المتحدة. كشفت محادثة سجلت سراً في حفل لجمع التبرعات للممرشح الجمهوري أن رومني يرفض حل الدولتين في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وخلال حديثه الصريح في حفل عشاء كلف صحن الطعام فيه 50000 دولار، أعلن الحاكم السابق لولاية ماساتشوستس وبدون تردد أن الفلسطينيين لا يريدون السلام.
‘إنني أرى الفلسطينيين لا يرغبون في تحقيق السلام ولا بأية طريقة وذلك لأغراض سياسية، هم ملتزمون بتدمير إسرائيل والقضاء عليها، وهذه قضايا شائكة وأنا أقول إنه لا سبيل للسلام’.

رسميا فإن رومني (تماما مثل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو) ‘يدعم حل الدولتين بين إسرائيل والفلسطينيين. وعلى ما يبدو، إن رومنى، بتجاهله وجود الاحتلال العسكري وبنكرانه خطة السلام العربية ودعم القيادة الفلسطينية للنهج اللاعنفي في الصراع مع إسرائيل، يردد مقولات مستشاريه الإسرائيليين الأميركيين اليهود اليمينيين، واضعاً في كتلة واحدة السلطة الفلسطينية المعتدلة وبعض العناصر الفلسطينية المتطرفة وأيضاً الشيعة الإيرانية معلناً أن جميع الفلسطينيين ‘ملتزمون’ بتدمير إسرائيل.
هذه المشاعر المعادية للفلسطينيين تبدو وكأنها نسخة كربونية لما يحاول اليمين الإسرائيلي ترويجه في جميع أنحاء العالم لتبرير رغبتهم في السيطرة على الأراضي الفلسطينية بشكل دائم على أمل أنه في وقت ما في المستقبل سوف تنشأ حالة من شأنها أن تسمح لإسرائيل دفع الفلسطينيين خارج الضفة الغربية، وبالتالي يتم إقامة دولة أغلبيتها من اليهود في الأراضي الواقعة بين البحر المتوسط ونهر الأردن.
بالطبع، بينما لا يتذكر رومني جميع التفاصيل التي يتداولها أصدقاؤه الإسرائيليون اليمينيون ولا يعرف الجغرافيا فإنه يقول ان سوريا على الحدود مع الدولة الفلسطينية المحتملة Ùˆ يذكر ان متطرفين إيرانيين سيتجاوزو ‘أراضٍ عراقية وأردنية بطريقة ما لإنشاء منصات لإطلاق الصواريخ في الدولة الفلسطينية المحتملة ضد إسرائيل.
ومن المفارقات، إن معظم القادة والسياسيين الإسرائيليين سيُسخر بهم في حال أنهم أصدروا نفس التصريحات التي صرح بها رومني.
إن مواقف رومني العنصرية والنمطية مقلقة، ولكن ينبغي على المــــرء أن يدرك أنها لا تمثل هذا المرشح فقــــط ولا حتى حزبه. ومما لا شك فيه إن مثل هذه المواقف منتشرة على نطاق واسع نتيجة للسياسات الليكودية لا هوادة فيها وللوبي المؤيد لإسرائيل في الولايات المتحدة والتي شوهت تماما الواقع السياسي لتناسب عقلية اليمين الذي لا يرى سوى وجهة نظر التطرف الإسرائيلي.
وفي حين أنه من الواضح أن تصريحات رومني تعكس ما يكرره مساعدوه ‘في اليمين في إسرائيل، يبدو واضحاً من استطلاعات الرأي العام أن هذا ليس بالضرورة موقف معظم الأميركيين. ومع ذلك، يجب على أي استراتيجي فلسطيني الذي يحاول اتباع نهج عملي وناجح نحو دولة فلسطينية ألا يتجاهل ما تعنيه هذه التصريحات ‘في وسط الجسم السياسي الأميركي.
إن الفلسطينيين الراديكاليين سوف يستخدمون هذه التصـــريحات كدليل على أن عملية السلام ما هي إلا عملية صورية، وأنها ليست إلا حقنة من المورفيـــن تهـــــدف ببساطة إلى تهدئة الفلسطينيين وبحسب عبارة رومني، ركل الكرة لمرحلة مستقبلية.
في سياق تحليله أمام المتبرعين حول احتمالات السلام في الشرق الأوسط، قدم رومني رأي واحد مختلف. يبدو أن وزيراً سابقاً للخارجية الأميركية قد اخترق نوعاً ما دوائر مستشارين رومني وأخبر المرشح الجمهوري أن السلام في الواقع أمر ممكن، وأنه بعد الانتخابات الفلسطينية (ليس واضحاً أية انتخابات) فإن ‘احتمالات السلام أمر ممكن’. ‘ويقول رومني إنه لم يغص كثيراً في هذه النصيحة، مما يقود إلى الاعتقاد بأن المستشارين المؤيدين لإسرائيل الموثوق بهم لديهم اليد الطولى بشكل واضح في توجيه مرشحهم.
إن الفلسطينيين والعرب وأنصار السلام والعدالة في الشرق الأوسط لا يمكنهم أن يتجاهلوا هذا الفيديو المعبر عن موقف مرشح الرئاسة الأميركية. إذا كان هناك سبب لإعادة تقييم مجمل الاستراتيجيات الفلسطينية والنهج لصنع السلام، فإنه من المؤكد أن هذا الوقت هو الوقت المناسب للقيام بذلك.
على الأرجح، إن السلطة الفلسطينية لن تفعل شيئاً إلى حين ما بعد الانتخابات الأميركية. ولكن بغض النظر عمن سيكون رئيساً للولايات المتحدة في السنوات المقبلة، فإن المرء يأمل فقط أن القادة الفلسطينيين لن يسمحوا لأنفسهم أن ينخدعوا بعد الآن بالكلام الجميل الذي لا أساس له على أرض الواقع.

‘صحفي فلسطيني

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .