مايو 11 2012

هل الحكومة الإسرائيلية الجديدة جدية حول السلام؟!

بقلم داود كتاب *

فاجأ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو شعبه صباح يوم الثلاثاء بصدمة سياسية. أقنع زعيم أكبر حزب معارض له شاؤول موفاز للانضمام الى حكومته الإئتلافية ملغياً بذلك انتخابات مطلع شهر أيلول/سبتمبر.  وفي حديثه لوسائل الإعلام قال نتنياهو إن اتفاق التحالف (وقد سمي من قبل بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية بالقنبلة ذات رائحة كريهة) جيد لاستقرار حكومته ولإسرائيل. إن شريكه في التحالف الحكومي الجديد والذي سيصبح الآن النائب الأول لرئيس وزراء إسرائيل وضع قائمة تضم أربعة نقاط ينبغي الاتفاق عليها كأساس لهذه الشراكة.  سيقوم كلا الطرفين باستحداث بديل لقانون “طل” الذي كان يستخدم لإعفاء الطلاب المتدينين من الالتحاق بالجيش الإسرائيلي، وسوف يمرران موازنة جديدة وسيتم تجديد النظام السياسي في إسرائيل، ويقال إن التحالف الجديد سيمضي قدماً في عملية السلام.

إن موفاز، الذي انشق حزبه كاديما بزعامة شارون وأولمرت عن حزب الليكود وانسحب من غزة، قدم تفاصيل قليلة حول كيفية قيام التحالف الجديد الذي سيحتل 94 من أصل 120 نائباً في الكنيست بدفع محادثات السلام مع إسرائيل. وقد أشار بعض المعلقين الإسرائيليين أن ولادة الاتفاق تعود جزئياً إلى نهوض عناصر الجناح اليميني الراديكالية في حزب الليكود. يرى البعض وبأغلبية كبيرة أن نتنياهو لن يخضع لابتزاز وزير خارجيته افيغدور ليبرمان ولا للأحزاب الدينية والمستوطنين.

ليس هناك شك في أنه اذا اختار تقديم تنازلات جدية من أجل السلام، فإن التحالف الجديد والكبير هذا سوف يعمل على تسهيل جهوده، ولكن يبقى السؤال، هل يريد زعيم الليكود تقديم هذه التنازلات؟ أم أن حكومته المستقرة ستسمح له بصد الضغوط بأكثر سهولة للقيام بما هو ضروري من أجل السلام، كتجميد النشاطات الاستيطانية أو حتى التنازل بشكل مؤقت عن التحكم بمناطق ج إلى السلطة الفلسطينية.

إن إلقاء نظرة إلى الوراء إلى السنوات القليلة الماضية يمكنها أن تساعد في الإجابة على هذا السؤال. كلما تم الضغط على الحكومة الإسرائيلية لتقديم تنازلات للسلام كان شركاء نتنياهو في التحالف الراديكالي مثل ليبرمان يهددون بالإنسحاب من الحكومة. في تلك الأوقات الحساسة، فإن زعيمة المعارضة آنذاك “تزيبي ليفيني” أكدت مراراً وتكراراً لنتنياهو أن حزبها كان على استعداد لتوفير شبكة أمان سياسية للحكومة إن رغبت في تقديم تنازلات جدية من أجل السلام.  إن ليبرمان الذي يُفترض أنه متطرفاً يبدو أنه أكثر كلاماُ منه عملاً.  فقد هدد في أكثر من مناسبة  بالانسحاب في حال تم إقرار هذه المسألة أو تلك وذلك فقط للبقاء في التحالف في نهاية المطاف.

إن القائد الحالي لإسرائيل سيكون جالساً على أحد أكبر تحالف حكومي شهدته إسرائيل. لقد أوضح الشعب الإسرائيلي أنه لا يحب ما حدث إذ يُشتم منه الكثير من الانتهازية السياسية بدلا من القيام بشيء صادق من أجل خير البلاد وإحلال السلام.

في حين أن معظم النقاش حول الدوافع الكامنة وراء اتفاق التحالف تتركز إلى الداخل، ينبغي ألا يتجاهل المرء أن القضايا الخارجية قد ساهمت في هذا القرار. وقد أشار بعض المحللين إلى أن إضافة قائد عسكري سابق من أصل يهودي إيراني سوف يعزز من موقف إسرائيل تجاه إيران وطموحاتها النووية.

هناك عامل لم يرد ذكره وهو الانتخابات المقبلة في الولايات المتحدة.  في حين أن نتنياهو سيكون سعيداً جداً اذا فاز صديقه “ميت رومني” في انتخابات شهر تشرين الثاني/نوفمبر القادم، فإنه يجب عليه أن يأخذ في عين الاعتبار الاحتمال القوي بأن باراك حسين أوباما قد يبقى في البيت الأبيض لأربع سنوات أخر.

مع هذا الاحتمال، فإن نتنياهو يعلم يقيناً أن إسرائيل ستتعرض لضغوط قوية من قبل حليفتها الأكثر أهمية لتقديم تنازلات جدية لتحقيق السلام مع الفلسطينيين. وبينما الآن سيكون نتنياهو أقل قدرة على استخدام ليبرمان كذريعة، فإن حكومته القوية سوف تكون قادرة على الصمود أمام أي ضغوط أميركية دولية إذا اقتضى الأمر ذلك.

إن حكومة ائتلافية واسعة ومستقرة لديها احتمالات قوية لتحقيق اختراقات تاريخية، ولكن هذا التحالف الخاص الذي تم إنشاؤه لأغراض إنتهازية وليس لأسباب مبدئية (على الرغم من المطالبات على عكس ذلك) من غير المرجح أن يتخذ خطوات جريئة من أجل السلام.

* كاتب فلسطيني

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .