أبريل 28 2012

السجناء لهم الحق في رؤية أهاليهم وفي قراءة الكتب

بقلم داود كتاب

لقد عرفت سهير إسماعيل ونجيب فراج كلاً على حدة قبل أن يصبحا زوجين. عرفت نجيب كزميل عمل مع وكالة فرانس برس ومع جريدة القدس اليومية، وعرفته قارئاً متعطشاَ للمشهد السياسي في فلسطين. وعملت مع سهير عندما أنتجنا الفيلم الوثائقي ‘يوميات فلسطيني’ خلال الانتفاضة الأولى. في هذا الفيلم تحدثت سهير عن اليوم الذي قتل فيه شقيقها إسماعيل من قبل الإسرائيليين بينما كان يحاول مساعدة أحد الجيران في قرية الخضر قرب بيت لحم.

ومع رحيل أخيها ووالدها الذي قتل في لبنان، نشأت سهير لتكون امرأة قوية تقاتل من أجل حقوقها في مجتمع يسيطر عليه الرجال.  لن أنسى أبدا اليوم الذي أجرت فيه مقابلة مع والدتها من أجل الفيلم الوثائقي، إذ سألتها سؤالاً صعباً: لماذا لم تتبعي أبي إلى المنفى؟ قالت لي سهير لاحقاً إن الكاميرا أعطتها الشجاعة لطرح سؤال لم تجرؤ على طرحه وجها لوجه قبلاً.

شاركت في إنتاج فيلم وثائقي آخر في تسجيل يوم زفافها الذي يتضمن مشهد يحاول فيه الأقارب الذكور البعيدين أن يستغلوا وضع عائلتها التي لم يكن فيها رجال، فقط لإذلالها وقد تصدى حمدي شقيق نجيب، وهو كاتب عمود فلسطيني معروف.

انتقلت سهير إلى منزل نجيب في مخيم الدهيشة واستمرت في العمل في صناعة الأفلام، وأنشأت منظمة إعلامية غير حكومية تدرب نساء يعملن في صناعة الأفلام. كما أنها هي ونجيب كونا أيضاً عائلة جميلة. عندما رزقا بابن دعياه إسماعيل في ذكرى شقيق سهير المستشهد. وقد سبب اسم الصبي بعض المتاعب له، لأنه يتطابق مع اسم نائب رئيس جهاز المخابرات الفلسطيني، إسماعيل فراج (وهو الأخ الأكبر لنجيب).
ويبدو مع ذلك أن اسماعيل الشاب قد اعتمد وجهات نظر تميل إلى اليسار من تلك التي يؤيدها عمه لحركة فتح. وعقيدته اليسارية جلبت عليه أيضاً غضب الإسرائيليين.

وأصبح الشاب إسماعيل فراج الذي يصفه الأهل والأصدقاء بأنه ذكي وذات كاريزما، من المؤيدين للفصائل اليسارية في منظمة التحرير الفلسطينية. وفي جامعة القدس، أصبح اسماعيل وهو طالب قانون في السنة الثانية، منهمكاً في الحركة الطلابية للجبهة. وهو مثل أي طالب نشط، يساعد في المناسبات العامة داخل وخارج الحرم الجامعي.

في شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي، تسلل جنود اسرائيليون في المناطق الخاضعة لسيادة أمنية فلسطينية واقتحموا منزل فراج في مخيم الدهيشة واعتقلوا الشاب اسماعيل. وقد وجهت إليه تهمة الانتماء الى منظمة غير قانونية.

وعلى الرغم من أن الجبهة الشعبية هي جزء من منظمة التحرير الفلسطينية التي وقعت مذكرة تفاهم مع إسرائيل في عام 1993، إلا أن إسرائيل لم تحذف المنظمة من القائمة الطويلة للمنظمات التي تعتبرها إرهابية.
واتهم أيضا إسماعيل بأنه أعد كراسٍ للمناسبات سياسية خطابية العامة وأنه حرّض الناس على إلقاء الحجارة. ولكنه ليس متهماً بأي فعل عنيف.

منذ العاشر من شهر تشرين الأول/أكتوبر، تم حجز اسماعيل في سجن عوفر بالقرب من رام الله. هذه هي المرة الأولى التي يعتقل فيها إسماعيل. ويحظر على والديه رؤيته. لم يرد أي تفسير رسمي لهذا الحظر. ويسمح فقط لشقيقتيه، لميس 17 و ربى 14، من رؤيته.

إن أكثر ما يزعج إسماعيل وعائلته هو سياسة إسرائيلية جديدة نسبياً (تحت حكم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو) التي يحظر بموجبها إدخال الكتب إلى السجون أو مراكز الاعتقال. يسمح الإسرائيليون بثلاثة كتب فقط سنوياً بشرط ان تكون كتب المدرسية فقط.

هذا الاسبوع، أخبر إسماعيل، الذي أحضر إلى جلسة استماع، عائلته أنه يرغب بأن يتمكنوا من إحضار أطلس العالم له، والذي يعتبر على ما يبدو بأنه مسموح به بموجب سياسة الكتب المدرسية الغريبة هذه.
كما منع الفلسطينيون أيضاً من مواصلة التعليم في السجن، بما في ذلك القدرة على التقدم بطلب للحصول على تقديم امتحان الثانوية العامة التوجيهي والتعليم الجامعي.

في ذكرى يوم الاسير 17 نيسان أعلن الأسرى الفلسطينييون إضراباً واسعاً عن الطعام في السجن. بدأ الأمر مع 1200 سجين يطالبون بالحقوق الأساسية، مثل الزيارات العائلية (أولئك الذين لديهم عائلة في غزة لم يروا أقاربهم منذ 2007)، والقدرة على معاناقة الأطفال وأفراد الأسرة وتقديم طلب للحصول على الشهادة الثانوية والشهادات الجامعية، فضلا عن إحضار كتب عادية. كما أنهم يطالبون أيضاً بوضع حد لعمليات الاعتقال الإداري.

لقد انتهكت إسرائيل القانون الدولي عندما نقلت سجناء غزة الى إسرائيل، وتستمر منذ حزيران 2007 في خرق القانون الدولي الإنساني من خلال منع السجناء من رؤية عائلاتهم. ويبدو أيضاً أن هذا المنع هو بمثابة عقاب غير مصرح به، كما في حالة اسماعيل.

إن مناصرة المشاهير العالميين، مثل جورج كلوني وأنجلينا جولي وريتشارد جير الذين ناصروا قضايا العالم يجب أن تساعد الفلسطينيين أيضا في الحصول على هذه الحقوق الأساسية بما في ذلك الزيارات العائلية، وحق الأهل أن يعانقوا أولادهم خلال الزيارات. قد يكون من الجدير بالثناء أن نرى الفائزين على جائزة نوبل للأدب توقيع بيان يدعون فيه إسرائيل الى وقف سياسة منع الكتب عن السجناء الفلسطينيين. كما إنه يكون أمراً رائعاً اذا قامت الجامعات في مختلف أنحاء العالم والأكاديميين بدفع إسرائيل إلى السماح للسجناء بإجراء امتحان الثانوية العامة والانخراط في التعليم الجامعي عن بعد.  القانون الدولي والمنطق السليم البسيط يحمي ويكفل حقوق السجناء.

يتوقع والد اسماعيل أن تصل عقوبة ابنه إلى حوالي العامين. ولكن بالنسبة لاسمعيل ولجميع السجناء الآخرين، فإن السؤال الكبير هو ماذا سيحدث عندما تنتهي فترة سجنهم، وماذا سيفكرون عن الطريقة التي تصرف فيها العالم عندما كانوا تحت العقاب.

صحافي فلسطيني

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .