يناير 17 2012

منطقة “جيم” أرض المعركة القادمة



 

بقلم داود كتاب

قبل بضعة أشهر قررت مجموعة من ستة فلسطينيين من سكان رام الله ركوب حافلة لزيارة القدس. هذه لم تكن رحلة عادية. إن الحافلة المدعومة من الحكومة الإسرائيلية تربط مستوطنات يهودية في الضفة الغربية بالقدس واسرائيل. إن الرحلة للفلسطينيين على الحافلة التي غالبا ما يتنقل بها المستوطنون اليهود فقط على طرق فلسطينية لم تدم طويلا إذ تم اعتقال ركاب الحافلة الفلسطينية بالقوة على مدخل مدينة القدس بالقرب من قرية حزما الفلسطينية. 

أطلق الركاب الفلسطينيون الذين لم يحاولوا إخفاء هويتهم أو جنسيتهم على أنفسهم لقب “freedom riders” فرسان الحرية.  أبلغوا الصحافة التي كانت تغطي رحلتهم أنهم استلهموا تحركهم غير العنيف من نشطاء الحقوق المدنية في الولايات المتحدة الذين استخدموا نفس الاسم بهدف فضح  التمييز العنصري الإسرائيلي في المناطق الفلسطينية.  كان ركاب الحرية الأصليون نشطاء الحقوق المدنية والذين ركبوا الحافلات التي تتنقل بين الولايات باتجاه الولايات الجنوبية العنصرية. 

رفع الفلسطينيون احتجاجهم اللاعنفي خطوة أخرى نحو الأمام هذا الأسبوع.  فقد حاولت سيارات فلسطينية يوم الثلاثاء في 9 كانون الثاني/ يناير أن تسافر على نفس الطرق الفلسطينية التي يستخدمها الإسرائيليون ومرة أخرى انتهت الرحلة بمواجهة مع الجنود الاسرائيليين الذين اعتقلوا خمسة فلسطينيين عندما أوقفوا الاحتجاج بالسيارات. 

سواء كان المتظاهرون راكبين سيارات أو كانوا يقودونها، فقد تركز معظم هدفهم على ما يشار اليه بالمنطقة “جيم”.  خلال تنفيذ اتفاقات أوسلو تم تقسيم الضفة الغربية الى ثلاث مناطق.  المنطقة “Ø£” التي تشمل معظم المدن المأهولة في الضفة الغربية وهي تحت السيطرة الأمنية والإدارية للسلطة الفلسطينية.  منطقة (ب) ​​وهي المناطق خارج المدن الفلسطينية الرئيسية وتركت تحت السيطرة الإدارية الفلسطينية لكن اسرائيل احتفظت بالسيطرة الامنية عليها. وأخيراً، المنطقة “جيم” التي تشكل 59% من مساحة الضفة الغربية، بما في ذلك جميع المستوطنات الكبيرة والمناطق الإسرائيلية المحيطة أي المؤسسة العسكرية الإسرائيلية التي لديها السيطرة الإدارية والأمنية.  تشمل منطقة “جيم” وادي الأردن بكامله (مع بعض الاستثناءات الصغيرة في ما يخص أريحا وقرية العوجا) وكذلك جميع مناطق النمو الطبيعية في الضفة الغربية.

وفيما تستمر إسرائيل في خرق التزاماتها تجاه سيطرة السلطة الفلسطينية الامنية في المنطقة ألف، فإن مستقبل الاراضي التي يرغب فيها كل من إسرائيل والمستوطنين الإسرائيليين ستكون هي المشكلة الكبيرة في السنوات المقبلة. وقد أدرك عدد كبير من الأميركيين المؤيدين للسياسة الإسرائيلية والذين يشاركون في المفاوضات مثل دنيس روس أن منطقة “جيم” سوف تكون المكان المحتمل الذي قد تحدث فيه علامات واضحة للسلام. دعا روس في مقالته في الواشنطن بوست مؤخراً الحكومة الإسرائيلية لتخفيف التشديد لوصول الفلسطينيين إلى أراضيهم التي هي الآن تحت السيطرة الاسرائيلية الكاملة.

العالم لا يزال يؤيد حل الدولتين بشكل ساحق، ولكن الفلسطينيين يسألون السؤال حول المناطق التي سيوجد فيها الجزء الفلسطيني من مشروع حل الدولتين. إن مشاريع البنية التحتية الرئيسية، مثل المطار، لا يمكنها أن تكون إلا في المناطق التي هي الآن تحت السيطرة الأمنية والادارية الإسرائيلية التامة.  وفيما قد يكون الفلسطينيون قادرين أن يقرروا ما هي انظمة مدنهم وارتفاعات المباني في نابلس أو الخليل، فإنه لا يمكنهم أن يعملوا أي خطط تنموية خارج حدود مدن الضفة الغربية.

فلا عجب أن محادثات السلام قد علقت حول قضية المستوطنات.  لقد حاول المبعوثون الدوليون (في الأغلب اللجنة الرباعية) الالتفاف على هذه العقبة من خلال المطالبة بأن يقدم الفلسطينيون والإسرائيليون خططهم بشأن الحدود والأمن في 26 كانون  الثاني/ يناير 2012.  وبينما يقترب هذا الموعد فقد شهدنا بأن الفلسطينيين قدموا خططهم في حين أن الإسرائيليين يحتجبون. فمن المستبعد جدا أنه في عام الانتخابات الأميركية أن يكون هناك أي اختراق في المحادثات.  نتيجة ذلك، هذا يعني أنه ولعام مقبل على الأقل أو نحو ذلك، فإن ميدان المعركة الحقيقية سيكون في ما يشار اليه عادة بالمناطق “جيم”.                

 

*كاتب فلسطيني

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .