أغسطس 15 2011

المقدسيون بحاجة لمساعدة فهل يساعدهم الملك؟

قرار مجلس أمناء جامعة القدس بمنح شهادة دكتوراة فخرية لجلالة الملك عبد الله إشارة واضحة لدور العاهل الأردني في الدفاع عن فلسطين في المحافل الدولية ولتركيزه المستمر على عروبة القدس. كما يخلق قرار مجلس أمناء جامعة القدس مشاركة فلسطينية – أردنية هامة يمكن استثمارها لمصلحة شعبنا المهدد في القدس المحتلة.

إذ يعاني أهل مدينة القدس الفلسطينيين من مشاكل ومتاعب كثيرة.  ورغم أن معظم هذه المتاعب صادرة من الاحتلال أو بسبب استمرار سياسة الاحتلال والضم الإسرائيلي إلا أن هناك بعض الأمور التي يمكن معالجتها من قبل سكان القدس أنفسهم ومن القيادتين الفلسطينية والأردنية.  ومن الجدير مناقشة الموضوع هذه الأيام بعد منح جامعة القدس شهادة دكتوراة تقديرية للملك عبد الله الثاني وبحضور الرئيس الفلسطيني في عمان.

استمر الأردن بالاهتمام بالقضية الفلسطينية بشكل عام والقدس بشكل خاص من خلال مواقفها الرسمية ومن خلال متابعة التزاماتها القانونية والأخلاقية.  فوزارة الأوقاف الأردنية لا تزال ترعى وتدفع رواتب حراس المسجد الأقصى كما والتزمت الأردن من خلال اتفاقية وادي عربة بأن تلعب دورا أساسيا في تحديد مستقبل القدس وخاصة الأماكن الدينية في المدينة المقدسة.  لقد مرت 44 سنة على احتلال القدس وباقي المدن الفلسطينية والعربية المحتلة، إلا أن مدينة القدس بقيت الوحيدة التي لم يتم فيها أي شكل من أشكال الانتخابات المحلية بسبب قرار المقاطعة لما يسمى بلدية القدس الموحدة.  وبقي في المواقع القيادية زعماء المؤسسات الدينية والاجتماعية من بطركيات ومطرانيات مسيحية ومؤسسات وقفية إسلامية وجمعيات خيرية تقليدية متعددة.

أما في مجال السياسة، فقد نجحت شخصية واحدة لفترة في استقطاب المقدسيين وهو فيصل الحسيني إلا أن وفاته خلال زيارة للكويت عام 2001 أفقدت القدس الزعيم الوحيد خلال السنوات الماضية التي حصلت على التفاف جماهيري ملفت.  ومنذ ذلك الوقت، تضاعفت المرجعيات دون الخروج بنتيجة مرضية.  لقد خلق غياب أي شكل من أشكال اختيار القيادات المحلية عملية استقواء صعد خلالها العديد من الوصوليين وحتى الزعران لمواقع يدعون فيها تمثيل سكان المدينة المقدسية والتي يزيد عدد سكانها عن ربع مليون. كما  زاد غياب قيادات منتخبة أو شعبية، من المحاولات الخارجية (خاصة الإسرائيلية) في العبث في مستقبل عاصمة الدولة الفلسطينية المرتقبة.  كما وكان لغياب جهاز تنفيذي فلسطيني يُسمح له بالعمل في القدس في حين كانت الشرطة الإسرائيلية تتعامل بانتقائية في القدس أثرا سلبيا في خلق فوضى اجتماعية وصعود الزعران وحاملي العصي والأمواس كنوع من سياسة الامر الواقع في العديد من أحياء القدس.

الغريب في الأمر أن وجود العدد الكبير من القيادات الروحية والدينية من مسلمين ومسيحيين لم يساعد في ملء هذا الفراغ.بل كان لتلك القيادات أحيانا دوراً سلبياً.والأسوأ من موقف القيادات الدينية السلبي كان عدم نطقهم بأمور أخلاقية كان الكل يتوقعها منهم.ويبدو أن الولاء لجهات خارجية أحيانا، والاهتمام بالمنصب أحيانا والركض وراء المكسب المادي أحيانا أخرى، شكلت محور اهتمامات تلك القيادات الدينية.فكل القيادات تتحدث عن الأمور العامة والمتفق عليها من رفض التهويد والاستيطان والشكوى من الاحتلال إلا أن معظم تلك القيادات لم تقم باتخاذ مواقف جريئة في ما يخص الخراب اليومي الذي ينخر بسكان القدس ويسبب في إضعافها من الداخل.معاناة المقدسيين تتجاوز غياب المواقف الأخلاقية إن تشتت عائلات القدس إلى أقاصي العالم وحضور عشرات الآلاف من الساعين للعمل في القدس من الجنوب والشمال خلق أجواء يركض فيها الجميع بحثاً عن مصالحهم الفردية دون الاهتمام ولو بالحد الأدنى لمصالح الجماعة.

وفي مجال التواصل بين القدس والأردن فيعاني المقدسيون من الإذلال والصعوبات كغيرهم من أبناء فلسطين ولكنهم يواجهون معاناة إضافية من خلال ارتفاع حاد لتكلفة التصاريح الخاصة بسكان القدس، وبسبب هذا الارتفاع يتجنب الكثير من المقدسيين السفر عبر الأردن ويختارون السفر عن طريق مطار اللد لكافة مطارات العالم وحتى إذا كانوا راغبين بالسفر إلى الأردن.أما الإعلام المقدسي فحدث ولا حرج هناك سياسات إعلامية سلبية ترفض تسمية الأمور بأسمائها وتبتعد عن فضح المزورين للأراضي والمندسين والوصوليين والزعران وذلك على سياسة “امشي الحيط الحيط وقول يارب السترا”.

وشباب القدس خارجون من المعادلة.فغالبية سكان القدس الفلسطينيين اليوم ولدوا بعد الاحتلال ولكنهم مستثنون تماما من القرارات أو التشاورات لمستقبل القدس.يشكل غياب المرجعية الفعالة وحالة الضياع للمقدسيين مشكلة حقيقية بحاجة إلى تضافر الجهود الفلسطينية- العربية وخاصة الفلسطينية الأردنية.فإذا تعذر على السلطة الوطنية مؤقتا، أن تلعب دورا مباشرا في معالجة أزمات القدس وكان من الممكن أن يلعب الأردن دورا بالتنسيق مع الجهات الفلسطينية، فما الخطأ في ذلك إذا كان التعاون الأهلي المقدسي مع الأردن يتم بمعرفة السلطة الوطنية والتنسيق معها. فرئيس مجلس أمناء جامعة القدس هو أحمد قريع ورئيسها البروفيسور سري نسيبة وكادر الجامعة من أبناء القدس وفلسطين من الممكن أن يملأ الفراغ من الجانب الفلسطيني لغاية قدرة السلطة الوطنية على ذلك.

أصبحت جامعة القدس اليوم تشكل نقطة ضوء للخروج بحلول استراتيجية لمعالجة مشاكل المدينة المقدسة. فجامعة القدس بمقراتها المنتشرة على طرفي الجدار البغيض تشكل شعلة أمل للمقدسيين ليس فقط من ناحية توفير فرص لبقاء المقدسيين من طلاب وأساتذة وعاملين صامدين في وطنهم بل لأنها توفر منبرا وإشعاعا علميين يعيد للمدينة المقدسية مجدها الفكري في وقت التراجع الفكري على كافة المستويات الفلسطينية والعربية.

ويأتي قرار مجلس أمناء جامعة القدس بمنح شهادة دكتوراة فخرية لجلالة الملك عبد الله إشارة واضحة لدور العاهل الأردني في الدفاع عن فلسطين في المحافل الدولية ولتركيزه المستمر بعروبة القدس. كما يخلق قرار مجلس أمناء جامعة القدس مشاركة فلسطينية – أردنية هامة يمكن استثمارها لمصلحة شعبنا في القدس المحتلة.كلنا أمل أن تكون خطوة جامعة القدس المباركة استكمالا وتطويرا لدورالأردن ملكا وحكومة وشعبا في مناصرة فلسطين والقدس لما فيه المصلحة العربية والإسلامية والمسيحية. ولا بد لهذه الشراكة الفلسطينية الأردنية أن يتم ترجمتها بخطوات عملية وفعالة يمكن لكل مقدسي أن يلمسها في حياته اليومية.

 

* صحفي فلسطيني من مواليد القدس ويعمل في الأردن وفلسطين

 

 

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .