يونيو 27 2011

استراتيجية فلسطين إذ تفتقد عناصر التنفيذ

*بقلم: داود كُتّاب
رغم أن الإستراتيجية من أجل إقامة الدولة الفلسطينية تحقق تقدماً ملموساً في العديد من الدوائر السياسية الدولية، إلا أنها ما زالت تفتقر إلى التنسيق والتماسك وعناصر التنفيذ لتأتي بالنتائج المرجوة.


لقد نجح الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء سلام فياض في نسف الترسانة المعادية للفلسطينيين والتي تستخدمها الدعاية الإسرائيلية للهجوم على التطلعات الفلسطينية. إن رفض القيادة الفلسطينية أي شكل من أشكال العمل العسكري والتركيز على بناء البنية التحتية للدولة بدﻻً من شتم الاحتلال قد وضع إسرائيل في وضع صعب على الصعيد الدولي. ومع ذلك، فإنه من غير المحتمل أن يتم التوصل إلى إقامة دولة فلسطينية مع هذه الاستراتيجية الجزئية بدون عوامل مساعدة محلية وخارجية.


انه لأمر محزن أن يعترف المرء بهذه الحقيقة، ولكن الرئيس الأميركي باراك أوباما قد يكون محقاً في شيء واحد. إن الذهاب إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة والحصول على تصويت الأغلبية في هذه الهيئة الدولية أمر لا ينهي، بحد ذاته، الاحتلال الإسرائيلي. ومع ذلك، فإن تصويت الأمم المتحدة يمكن أن يكون المفتاح لإقامة دولة فلسطينية إذا كان جزءً من استراتيجية أوسع. واعتبارا من هذه اللحظة، فإنه لا يبدو أن هناك مثل هذه اﻻستراتيجية الفلسطينية المتماسكة والمنسقة جيداً.


ماذا يجب على هذه الاستراتيجية أن تشمل؟


بطبيعة الحال، إن السعي نحو التحرر الوطني يتطلب جبهة داخلية موحدة. لقد اتخذت الفصائل الفلسطينية خطوة هامة في هذا الاتجاه من خلال التوقيع على اتفاق المصالحة في القاهرة قبل شهر، ولكن لا يبدو أن هناك جدية وجهداً متواصلاً ومتضافراً لتوحيد الشعب الفلسطيني. ليس هناك بالتأكيد ما يدل على أن الجهد الحالي هو جهد يمكنه خلق وحدة وطنية سياسية واستراتيجية لدرجة أن يكون الشعب على استعداد لاتخاذ قرارات صعبة تتطلب التضحية من أجل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي.


إذا كان باﻹمكان أن يوافق الفلسطينيون على العملية السياسية الحالية التي تتضمن التوقف في الجمعية العامة للأمم المتحدة الخريف المقبل، فإن هناك سؤاﻻً يحتاج أن يُطرح حول استراتيجية القيادة الفلسطينية في اليوم الذي سيلي تصويت الأمم المتحدة. ما هي الخطط على أرض الواقع في فلسطين لتنفيذ الشرعية الدولية لإقامة دولة فلسطينية؟ هل سيتم حشد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة وحول العالم لاتخاذ خطوات ملموسة لتحويل تفويض الأمم المتحدةهذا إلى دولة ذات سيادة حقيقية؟

بمجرد أن يرفض الإسرائيليون الإرادة الدولية من أجل إقامة دولة فلسطينية وينسحبوا طواعية من الأراضي المحتلة، فإنه يجب على القيادة الفلسطينية أن تكون مستعدة لاتخاذ الخطوات اللازمة لبسط الدولة الفلسطينية على أرض الواقع. ستحتاج السلطة الفلسطينية إلى فك الارتباط مع الجانب الإسرائيلي على كل المستويات. فهل لدى السلطة الفلسطينية خطط بديلة عندما يحدث فك الارتباط هذا؟ هل قامت السلطة الفلسطينية بالتنسيق مع الدول العربية المجاورة لتوفير السلع الضرورية والخدمات عندما يحدث فك الارتباط هذا؟ وهل الشعب الفلسطيني على استعداد لتحمل آلام هذا الانفصال؟

 

خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى جرى تشجيع حدائق النصربينما كان الفلسطينيون يحاولون أن يكتفوا ذاتيا عندما قاطعوا البضائع القادمة من إسرائيل. يجب وضع خطة لتحريرالمناطق المدرجة كمنطقة جيم، والتي تخضع لسيطرة إسرائيل المباشرة إدارياً وأمنياً. إن التقسيم التمييزي للأراضي الفلسطينية إلى مناطق أ و ب و ج ينبغي أن يعتبر ﻻغياً وباطلاً بمجرد أن تصبح اتفاقات أوسلو بالية مع قرار الامم المتحدة المقبل. ربما يجب على السلطة الفلسطينية إصدار سندات ملكية للأراضي وإعطائها إلى أي فلسطيني يكون مستعداً للعيش والبقاء على الأراضي المصنفة جوالتي ستواصل إسرائيل احتلالها والسيطرة اﻻمنية واﻻدارية عليها.


لا يجري تحضير مثل هذا.


وعلاوة على ذلك، ماذا عن فك الارتباط الأمني؟ هل تمت دراسة مسألة كيفية وقف التنسيق الأمني؟ ما هي السيناريوهات البديلة لليوم الذي يلي فك ارتباط من هذا القبيل؟ هل سيعطي الرئيس عباس الأوامر لقوات الأمن للدفاع عن الدولة المعلنة حديثا والمعترف بها؟


ومن الضروري أيضا بذل جهد أكبر بكثير على الصعيد الإقليمي. هل سيُطلب من البلدان والشعوب في الدول المجاورة المساعدة في تحقيق دولتهم الفلسطينية؟ هل سيُطلب من الأردن ومصر المساعدة في توفير الضروريات، مثل الكهرباء والوقود والمنتجات الغذائية الأساسية؟ كيف سيتم توفير مثل هذه المواد؟ هل سيطلب الزعماء الفلسطينيون من هذه الدول العربية المجاورة تأمين الحدود؟ وهل سيطلب من الدول العربية الأخرى أن تساعد في هذه العملية؟


أخيراً، ما هي الاستراتيجية الدولية؟ إن السلطة الفلسطينية توصلت إلى نتائج جيدة سياسيا في بعض البلدان، ولكن يتم ذلك بشكل كامل تقريبا دون التنسيق القوي والمستمر مع حركات التضامن. بمجرد أن ترفض إسرائيل إعلان الأمم المتحدة لإقامة دولة فلسطينية، فإن حركات التضامن هذه سيكون لها عمل حاسم لتطبيق حملة قوية للمقاطعة وسحب الاستثمارات ضد إسرائيل. إن تجربة المقاطعة لنظام الفصل العنصري في جنوب أفريفيا بعد تصويت مماثل في الأمم المتحدة يجب تكرارها دولياً.


قد تكون لإسرائيل ومؤيديها القدرة على ممارسة الضغط على الحكومات وعلى الكونغرس الأميركي لكنها غير قادرة على وقف الدعم لفلسطين المستند على شعوب العالم. ولكن تلك الشعوب يجب أن يتم تحفيزها.

إن تحقيق قيام الدولة الفلسطينية يحتاج إلى استراتيجية شمولية داخلية وإقليمية ودولية. ومثل هذه الاستراتيجية تتطلب قيادة ووحدة وطنية ونشاط إقليمي ودولي واستعداد الشعب الفلسطيني على التضحية.

 

* كاتب فلسطيني مقيم في عمان والقدس. Twitter.com/daoudkuttab

 

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .